للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وزعم أنهما معلقان في الحديد مطويان يصفقان بأجنحتهما.

وقد روي في قصة هاروت وماروت عن جماعة من التابعين؛ كمجاهد، والسدي، والحسن البصري، وقتادة، وأبي العالية، والزهري، والربيع بن أنس، ومقاتل بن حيان، وغيرهم؛ وقصها خلق من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين، وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل؛ إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى.

وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط، ولا إطناب؛ فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده الله تعالى. والله أعلم بحقيقة الحال (١).

(وقد ورد) (٢) أثر غريب، وسياق عجيب في ذلك، أحببنا أن ننبه عليه: قال الإمام أبو جعفر بن جرير (٣) (تعالى) (٤): حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا ابن وهب، أخبرني ابن أبي الزناد، حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة زوج النبي أنها قالت: قدمت على امرأة من أهل دومة الجندل جاءت تبتغي رسول الله بعد موته حداثة ذلك تسأله عن (شيء) (٥) دخلت فيه من أمر السحر ولم تعمل به؛ قالت عائشة لعروة: يا ابن أختي، فرأيتها تبكي حين لم تجد رسول الله فيشفيها، (كانت) (٦) تبكي حتى إني لأرحمها، وتقول: إني أخاف أن أكون قد هلكت؛ كان لي زوج فغاب عني، فدخلت على عجوز فشكوت ذلك إليها، فقالت: إن فعلت ما آمرك به فأجعله يأتيك؛ فلما كان الليل جاءتني بكلبين أسودين فركبتُ أحدهما وركبتِ الآخرَ، فلم يكن (شيء) (٧) حتى وقفنا ببابل، فإذا برجلين معلقين بأرجلهما؛ فقالا: ما جاء بك؟ (فقلنا: نتعلم) (٨) السحر. فقالا: إنما نحن فتنة فلا تكفري، فارجعي، فأبيتُ وقلت: لا. قالا: فاذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه، فذهبت ففزعت ولم أفعل، فرجعت إليهما؛ فقالا: أفعلت؟ فقلت: نعم. فقالا: هل رأيت شيئًا؟ فقلت: لم أر شيئًا. فقالا: لم تفعلي؛ ارجعي إلى بلادك


(١) في حاشية (ع): "بلغ العرض على المصنف، فسح الله في مدته، معارضًا بأصله".
(٢) في (ن): "وقد ورد في ذلك".
(٣) في "تفسيره" (١٦٩٥).
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٠٢٩)؛ والثعلبي في "تفسيره" (ج ١/ ق ٣٩/ ٢ - ٤٠/ ١)؛ والحاكم (٤/ ١٥٥) وعنه البيهقي (٨/ ١٣٦، ١٣٧) من طريق الربيع بن سليمان بسنده سواء. وسنده جيد كما قال المصنف .
(٤) من (ن).
(٥) كذا في "تفسير الطبري". ووقع في سائر "الأصول": "أشياء"، وإنما أثبت ما عند "الطبري" لأن السياق يدل عليه، فقالت: "دخلت فيه … ولم تعمل به".
(٦) في (ن): "فكانت".
(٧) كذا في (ن). ووقع في بقية "الأصول": "لشيء"؛ وفي "تفسير الطبري": "كشيء" والمقصود: لم يمض وقت يذكر. وفي رواية البيهقي: "فلم يكن كثير حتى وقفنا ببابل" وفي رواية الحاكم: "فلم يكن مكثي" ولعله: فلم يطل مكثي.
(٨) في (ز) و"الطبري": "فقلت: أتعلم".