للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم ذكر ههنا حكايةً عن بعض الرهبان، وهو أنه سمع صوت طائر (حزين) (١) الصوت ضعيف الحركة، فإذا سمعته الطيور ترق له فتذهب فتلقى في وكره من ثمر الزيتون، (ليتبلغ) (٢) به، فعمد هذا الراهب إلى (صنعة) (٣) طائر على شكله، وتوصل إلى أن جعله أجوف، فإذا دخلته الريح يسمع (منه) (٤) صوت كصوت ذلك الطائر، وانقطع في صومعة ابتناها، وزعم أنها على قبر بعض صالحيهم، وعلق ذلك الطائر في مكان منها، فإذا كان زمان الزيتون فتح بابًا من ناحية، فتدخل (الريح) (٥) إلى داخل هذه الصورة، فيسمع صوتها كذلك الطائر في شكله أيضًا، فتأتي الطيور فتحمل من الزيتون شيئًا كثيرًا فلا ترى النصارى إلا ذلك الزيتون في هذه الصومعة، ولا يدرون ما سببه؟ ففتنهم بذلك، (وأوهم) (٦) أن هذه من كرامات صاحب هذا القبر، عليهم لعائن الله (المتتابعة) (٧) إلى يوم القيامة.

قال الرازي: النوع السادس من السحر: الاستعانة بخواص الأدوية يعني في الأطعمة (والدهانات) (٨). قال: واعلم أنه لا سبيل إلى إنكار الحواص، فإن أثر المغناطيس مشاهد.

قلت: يدخل في هذا القبيل كثير ممن يدعى الفقر، ويتحيل على جهلة الناس بهذه الخواص مدعيًا أنها أحوال له من مخالطة النيران ومسك الحيات إلى غير ذلك من المحالات.

قال:

النوع السابع من السحر: (تعليق القلب) (٩)؛ وهو أن يدعى الساحر أنه عرف الاسم الأعظم، وأن الجن يطيعونه وينقادون له في أكثر الأمور؛ فإذا اتفق أن يكون السامع لذلك ضعيف العقل، قليل التمييز، اعتقد أنه حق، وتعلق قلبه بذلك، وحصل في نفسه نوع من الرهب والمخافة؛ فإذا حصل الخوف ضعفت القوى الحساسة؛ فحينئذٍ يتمكن الساحر أن يفعل ما يشاء.

قلت: هذا النمط (يقال له: "التنبلة") (١٠)؛ وإنما يروج على الضعفاء العقول من بني آدم.


= "حدثوا عني ولا حرج … " والباقي مثله. وسنده صحيح.
وأخرجه مسلم (١٨/ ١٢٩ نووي)؛ والطبراني في "جزئه" (٨٤) من طريق هدبة بن خالد؛ وأحمد (٣/ ٥٦)؛ وابن الجوزي في "مقدمة الموضوعات" (١/ ٨٠) عن أبي عبيدة؛ وابن أبي شيبة (٩/ ٦٢)؛ والطبراني (٨٤) عن أبي الوليد، كلهم عن همام بن يحيى بهذا الإسناد نحوه مع زيادة فيه.
أما حديث علي بن أبي طالب مرفوعًا: "لا تكذبوا علي، فإنه من يكذب علي يلج النار"؛ أخرجه البخاري (١/ ١٩٩)؛ ومسلم في "المقدمة" (١/ ٩).
(١) كذا في (ز) وفي بقية "الأصول": "حنين"؛ وما في (ز) أوضح، وهو أقرب لسياق الكلام في "تفسير الرازي"؛ فإنه قال فيه (٢/ ٢٢٩): "هو طائر عطوف وكان يصفر صفيرًا حزينًا".
(٢) في (ل): "ليبتلع".
(٣) في (ل): "صفة"!
(٤) في (ز) و (ض): "له".
(٥) من (ل) و (ن). وأشار إليها ناسخ (ى).
(٦) في (ل): "أوهمهم".
(٧) كذا في (ز) و (ض) و (ن)، وفي (ج) و (ع) و (ل) و (ى): "التابعة"؛ وفي (ك): "البالغة".
(٨) في (ل): "الدهان".
(٩) كذا في (ز) و (ض) و (ع) و (ك) و (ى)؛ وفي (ج) و (ل): "تعلق القلب"؛ وفي (ن):"التعليق للقلب".
(١٠) في (ن): "أيقال له: السبلة"!