للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أنفاسهم؛ لما يرون من عظيم نعمِهِ عليهم، وكمالِ قدرته، (ودوام) (١) سلطانه، وتوَالى مِنَنه، (وإحسانِهِ) (٢)، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٩) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٠)[يونس].

والحمد لله الذي أرسل رسُلَه ﴿مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء: ١٦٥] وختمهم بالنَّبي الأمي العربي، المكيِّ الهادي لأوضح السُّبُلِ، أرسَلهُ إلى جميع خَلْقه من الإنْسِ والجنِّ من لَّدُنْ بعثته إلى قيام السَّاعةِ، كما قال تعالى: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٨)[الأعراف] وقال تعالى: ﴿لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩] فمن بلَغَهُ هذا القرآنُ من عربٍ وعَجمٍ، وأسودَ وأحمرَ، وإنْسٍ وجانٍّ، فهو نذيرٌ له؛ ولهذا قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ﴾ [هود: ١٧] فمن كفر بالقرآن مِمَّنْ ذكرنا فالنَّارُ موعِدُه بنصِّ اللهِ تعالى؛ وكما قال (تعالى) (٣): ﴿فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ﴾ (٤) [القلم: ٤٤، ٤٥].

وقال رسولُ الله : "بُعِثْتُ إِلى الأَحْمَرِ والأسْوَدِ" (٥) قال مجاهدٌ (١/ ٢/ ١): يعني الإنسَ والجنَّ؛ فهُو، صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهِ، رسولُ اللهِ إلى جميع الثَّقَلين: الإنسِ والجنِّ، مُبَلِّغًا لهم عن اللهِ تعالى ما أوحاهُ إليه من هذا الكتابِ العزيزِ الذي ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)[فصلت].

وقد أعلمهم فيه عن الله تعالى أنه ندبهم (إلى) (٦) تَفَهُّمِهِ؛ فقال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)[النساء]. وقال تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٩)[ص] وقال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)[محمد].

فالواجبُ على العلماءِ الكشفُ عن معاني كلامِ اللهِ، وتفسيرُ ذلكَ، وطلبُه من مَظَانّهِ، وتعلُّمُ ذلك وتعليمُه؛ كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (١٨٧)[آل عمران].

وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٧)[آل عمران] فذمَّ الله تعالى أهلَ الكتابِ قَبْلَنَا بإعراضِهِم عن كتابِ الله (المنزل) (٧) (عليهم) (٨)، وإقبالِهم


(١) في (ك) و (ن) و (ى): "عظيم"، وأشار في حاشية (ى) أنه وقع في نسخة: "دوام".
(٢) في (ن): "ودوام إحسانه إليهم".
(٣) من (ن).
(٤) من (ز).
(٥) أخرجه مسلم (٥٢١/ ٣)، والبخاري (١/ ٤٣٥، ٤٣٦، ٥٣٣) من حديث جابر .
(٦) في (ز): "فيه"!
(٧) ساقط من (ز) و (ك).
(٨) في (ز) و (ك): "إليهم".