للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكما في كتبهم مشهورًا من البشارة بمحمد () (١) والأمر باتباعه، فإنه يفيد وجوب متابعته عليه (الصلاة و) (٢) السلام، وأنه لا يقبل عمل إلا على شريعته، وسواء قيل إن الشرائع المتقدمة مغياة إلى بعثته ، فلا يسمى ذلك نسخًا؛ كقوله: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: ١٨٧].

وقيل: إنها مطلقة، وإن شريعة محمد نسختها، فعلى كل تقدير فوجوب (اتباعه) (٣) (متعين) (٤)؛ لأنه جاء بكتاب هو آخر الكتب عهدًا بالله (٥).

[ففي هذا المقام (بيَّن) (٦) تعالى جواز النسخ ردًا على اليهود عليهم لعائن الله، حيث قال تعالى: [﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾] (٧) (٨). [﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (١٠٧) … ﴾ الآية، فكما أن له الملك بلا منازع فكذلك له الحكم بما يشاء: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ [الأعراف: ٥٤]. وقرئ في "سورة آل عمران" التي نزل صدرها خطابًا مع أهل الكتاب وقوع النسخ (عند اليهود) (٩) في قوله تعالى: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ [آل عمران: ٩٣]، الآية كما سيأتي تفسيره.

والمسلمون كلهم متفقون على جواز النسخ في أحكام الله تعالى، لما له في ذلك من الحكمة البالغة؛ وكلهم قال بوقوعه.

وقال أبو مسلم الأصبهاني المفسر: لم يقع شيء من ذلك في القرآن. وقوله (هذا) (١٠) ضعيف مردود مرذول. وقد تعسف في الأجوبة عما وقع من النسخ، فمن ذلك قضية العدة بأربعة أشهر وعشر بعد الحول لم يجب عن ذلك بكلام مقبول، وقضية تحويل القبلة إلى الكعبة عن بيت المقدس لم يجب بشيء، ومن ذلك نسخ مصابرة المسلم لعشرة من الكفرة إلى مصابرة الاثنين، ومن ذلك نسخ وجوب الصدقة قبل مناجاة الرسول وغير ذلك. والله أعمل] (١١).

﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١٠٨)﴾.

نهى الله (تبارك) (١٢) وتعالى (المؤمنين) (١٣) في هذه الآية الكريمة عن كثرة سؤال النبي عن الأشياء قبل كونها؛ كما قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ﴾ [المائدة: ١٠١]، أي: وإن تسألوا عن تفصيلها بعد نزولها تبين


(١) ساقط من (ج) و (ل).
(٢) من (ض).
(٣) في (ن): "متابعته".
(٤) كذا في (ج) و (ع) و (ل) و (ن) و (ي). ووقع في (ز) و (ض) و (ك): "معين".
(٥) في هامش (ع): "بلغ مقابلة بقراءة المصنف معارضًا بأصله، فسح الله في مدته وحرسه".
(٦) في (ن): "يبين".
(٧) من (ن).
(٨) من (ج) و (ل) و (ن).
(٩) ساقط من (ن).
(١٠) ساقط من (ن).
(١١) من (ج) و (ل) و (ن).
(١٢) من (ي).
(١٣) من (ن).