للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جبير، عن ابن عباس () (١) قال: ما رأيت قومًا خيرًا من أصحاب محمد ؛ ما سألوه إلا عن ثنتي عشرة مسألة كلها في القرآن. ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾ [البقرة: ٢١٩] و ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ﴾ [البقره:٢١٧]، ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى﴾ [البقرة:٢٢٠] يعني: هذا وأشباهه.

وقوله تعالى: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ﴾ أي: بل تريدون. أو هي على بابها في الاستفهام؛ وهو إنكاري، وهو يعم المؤمنين والكافرين؛ فإنه رسول الله إلى الجميع؛ كما قال تعالى: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ﴾ [النساء: ١٥٣].

قال محمد بن إسحاق (٢): حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد، عن ابن عباس؛ قال: قال رافع بن حريملة ووهب بن زيد: يا محمد، ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرؤه. وفجر لنا أنهارًا نتبعك ونصدقك. فأنزل الله من قولهم ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١٠٨)﴾.

وقال أبو جعفر الرازي (٣)، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية - في قوله تعالى: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ﴾ قال: قال رجل: يا رسول الله، لو كانت كفاراتنا ككفارات بني إسرائيل؟ فقال النبي : اللهم لا نبغيها - ثلاثًا - ما أعطاكم الله خير مما أعطى بني إسرائيل؛ كانت بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم الخطيئة وجدها مكتوبةً على بابه وكفارتها؛ فإن كفر كانت له خزيًا في الدنيا، وإن لم يكفرها كانت له خزيًا في الآخرة، فما أعطاكم اللّه خير مما أعطى بني إسرائيل. قال: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (١١٠)[النساء].

وقال (٤): "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن".

وقال (٥): "من همَّ بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه، وإن عملها كتبت سيئة واحدة، ومن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة واحدة، وإن عملها كتبت له عشر أمثالها، ولا يهلك على الله إلا هالك"؛ فأنزل الله: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ﴾.

وقال مجاهد (٦): ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ﴾ أن يريهم الله جهرةً.


= عطاء بن السائب بعد الاختلاط. والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (١/ ٥٨٦) لابن المنذر.
(١) من (ل).
(٢) أخرجه ابن جرير (١٧٧٧)؛ وابن أبي حاتم (١٠٨١) من طريق سلمة بن الفضل، زاد ابن جرير: ويونس بن بكير، قالا: ثنا ابن إسحاق بسنده سواء. [وسنده حسن].
(٣) أخرجه ابن جرير (١٧٨٣)؛ وابن أبي حاتم (١٠٨٣) من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي، عن أبيه بهذا الإسناد. وهذا سند ضعيف لإرساله.
(٤) هذا استشهاد من أبي العالية، ولكن الحديث صحيح.
أخرجه مسلم (٢٣٣/ ١٤).
(٥) أخرجه البخاري في "كتاب الرقاق" (١١/ ٣٢٣)؛ وأخرجه مسلم (١٣١/ ٢٠٨).
(٦) أخرجه ابن جرير (١٧٨٠) من طريق عيسى؛ وابن أبي حاتم (١٠٨٢) من طريق ورقاء كلاهما عن ابن نجيح، عن مجاهد فذكره وهذا سند ضعيف لإرساله فمجاهد لم يدرك النبي وأخرجه ابن جرير=