للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: سألت قريش محمدًا أن يجعل لهم "الصفا" ذهبًا، قال: "نعم وهو لكم كالمائدة لبني إسرائيل"؛ فأبوا ورجعوا.

وعن السدي (١) وقتادة (٢) نحو هذا. والله أعلم.

والمراد أن الله ذم من سأل الرسول عن شيء على وجه التعنت، والاقتراح، كما سألت بنو إسرائيل موسى تعنتًا وتكذيبًا وعنادًا.

قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ﴾ أي: ومن (يشتر) (٣) الكفر بالإيمان ﴿فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ أي: فقد خرج عن الطريق المستقيم إلى الجهل والضلال.

وهكذا حال الذين عدلوا عن تصديق الأنبياء واتباعهم والانقياد لهم إلى مخالفتهم وتكذيبهم والاقتراح عليهم بالأسئلة التي لا يحتاجون إليها على وجه التعنت والكفر؛ كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (٢٩)[إبراهيم].

وقال أبو العالية (٤): يتبدل الشدة بالرخاء.

﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٩) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٠)﴾.

يحذر (تبارك و) (٥) تعالى عباده المؤمنين عن سلوك (طرائق) (٦) الكفار من أهل الكتاب، ويعلمهم بعداوتهم لهم في الباطن والظاهر، وما هم مشتملون عليه من الحسد للمؤمنين، مع علمهم بفضلهم وفضل نبيهم؛ ويأمر عباده المؤمنين بالصفح والعفو والاحتمال، حتى يأتي أمر الله من النصر والفتح؛ ويأمرهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة؛ ويحثهم على ذلك ويرغبهم فيه؛ كما قال محمد بن إسحاق (٧): حدثني محمد بن أبي محمد، عن سعيد بن جبير أو عكرمة، عن


= (١٧٨١) من طريق ابن جريج، عن مجاهد مثله. وقد قدمنا غير مرة أن ابن جريج لم يسمع من مجاهد إلا حرفًا. [ويتقوى بالمراسيل التالية].
(١) أخرجه ابن جرير (١٧٧٩) قال: حدثنا موسى بن هارون؛ وابن أبي حاتم (١٠٨٤) قال: حدثنا أبو زرعة قالا: ثنا عمرو بن حماد بن طلحة، عن السدي فذكر الآية ثم قال: فسألت العرب رسول الله أن يأتيهم بالله فيروه جهرة. [وسنده حسن لكنه مرسل ويتقوى بسابقه ولاحقه].
(٢) أخرجه ابن جرير (١٧٧٨) من طريق يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة مثل قول السدي. وأشار إليه ابن أبي حاتم (١/ ٣٣٠) [وسنده حسن لكنه مرسل ويتقوى بما سبق].
(٣) في (ج) و (ك) و (ل) و (ن) و (ي): "يشتري".
(٤) أخرجه ابن جرير (١٧٨٤)؛ وابن أبي حاتم (١٠٨٥) من طريق عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه عن أبي العالية؛ وأخرجه ابن جرير (١٧٨٥) من طريق حجاج عن ابن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية. [وسنده جيد].
(٥) من (ل).
(٦) في (ن): "طريق".
(٧) أخرجه ابن إسحاق، ومن طريقه ابن جرير (١٧٨٨)؛ وابن أبي حاتم (١٠٨٨). [وسنده حسن].