للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ مثل قوله تعالى: ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا … ﴾ [آل عمران: ١٨٦].

قال علي بن أبي طلحة (١)، عن ابن عباس - في قوله: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ نسخ ذلك قوله: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، وقوله: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ … ﴾ إلى قوله: ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩] فنسخ هذا عفوه عن المشركين.

وكذا قال أبو العالية (٢)، والربيع بن أنس (٣)، وقتادة (٤)، والسدي (٥): إنها منسوخة بآية السيف؛ ويرشد إلى ذلك أيضًا قوله تعالى: ﴿حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾.

وقال ابن أبي حاتم (٦): حدثنا أبي، حدثنا (أبو اليمان) (٧)، حدثنا شعيب، عن الزهري، أخبرني عروة بن الزبير أن أسامة بن زيد أخبره؛ قال: كان رسول الله وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله، ويصبرون على الأذى؛ قال الله: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٩)[البقرة: ١٠٩].

وكان رسول الله من العفو ما أمره الله به حتى أذن الله (فيهم بقتل) (٨) فقتل الله به من قتل من صناديد قريش. وهذا (إسناد) (٩) صحيح ولم أره في شيء من الكتب الستة؛ [ولكن له أصل في "الصحيحين" (١٠)، عن أسامة بن زيد] (١١) ( - (١٢).

وقوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ (يحثهم) (١٣) تعالى على الاشتغال بما ينفعهم وتعود عليهم عاقبته يوم القيامة؛ من إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، حتى يمكن لهم الله النصر في الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد؛ ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٥٢)[غافر]، ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ يعني: أنه تعالى لا يغفل عن عمل عامل، ولا يضيع لديه، سواء كان خيرًا أو شرًا؛ فإنه سيجازي كل عامل بعمله.


(١) أخرجه ابن جرير (١٧٩٦) قال: حدثني المثنى؛ وابن أبي حاتم (١٠٩٦) قال: حدثنا أبي قالا: حدثنا أبو صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة. [وسنده ثابت].
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠٩٧). [وسنده جيد].
(٣) أخرجه ابن جرير (١٧٩٨). [وسنده جيد].
(٤) أخرجه ابن جرير (١٧٩٧) من طريق سعيد بن أبي عروبة. وأيضًا (١٧٩٩) من طريق عبد الرزاق وهذا في "تفسيره" (١/ ٥٥) قال: نا معمر بن راشد كلاهما عن قتادة. [وسنده صحيح].
(٥) أخرجه ابن جرير (١٨٠٠) وأبو جعفر النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (١/ ٥١٤) [وسنده حسن].
(٦) في "تفسير" (١٠٩٥). [وصحح سنده الحافظ ابن كثير].
(٧) في (ك): "أبو الوليد" وهو خطأ؛ وفي (ن): "أبو اليماني"!
(٨) كذا في (ج) و (ز) و (ض) و (ع) و (ك) و (ى) وفي (ل): "فيهم بالقتال"؛ وفي (ن): "فيهم بالقتل".
(٩) في (ز) و (ن): "إسناده".
(١٠) يشير المصنف إلى ما أخرجه البخاري في "كتاب التفسير" (٨/ ٢٣٠، ٢٣١)؛ وفي "كتاب الأدب" (١٠/ ٥٩١، ٥٩٢).
(١١) ساقط من (ز) و (ض) و (ع) و (ك) و (ى).
(١٢) من (ج) و (ل).
(١٣) في (ز) و (ض): "يحث".