للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[وقال تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (٣) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (٤) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥)﴾] (١) [الغاشية].

وروي عن أمير المؤمنين عمر () (٢) أنه تأولها في الرهبان كما سيأتي.

وأما إن كان العمل موافقًا للشريعة في الصورة الظاهرة، ولكن لم يخلص عامله القصد لله (تعالى) (٣) فهو أيضًا مردود على فاعله. وهذا حال (المنافقين والمرائين) (٤)؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (١٤٢)[النساء: ١٤٢] وقال تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧)[الماعون] ولهذا قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠)[الكهف: ١١٠]، وقال في هذه الآية الكريمة: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾.

وقوله: ﴿فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ ضمن لهم تعالى على ذلك تحصيل الأجور، وأمنهم مما يخافونه من المحذور، فـ ﴿لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ فيما يستقبلونه، ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ على ما مضى مما يتركونه؛ كما قال سعيد بن جبير: فـ ﴿وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ يعني: في الآخرة؛ ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (يعني: لا يحزنون) (٥) للموت.

وقوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ﴾ (يبين) (٦) به تعالى تناقضهم وتباغضهم، وتعاديهم وتعاندهم؛ كما قال محمد بن إسحاق (٧): حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ قال: لما قدم أهل نجران من النصارى على رسول الله ، أتتهم أحبار يهود، فتنازعوا عند رسول الله : فقال رافع بن حُريملة: ما أنتم على شيء، وكفر بعيسى والإنجيل، وقال رجل من أهل نجران من النصارى لليهود: ما أنتم على شيء، وجحد نبوة موسى، وكفر بالتوراة؛ فأنزل الله في ذلك في قولهما: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ﴾ قال: إن كلًا يتلو في كتابه تصديق من كفر به؛ (أن) (٨) يكفر اليهود بعيسى وعندهم التوراة فيها ما أخذ اللّه عليهم على لسان موسى بالتصديق بعيسى، وفي الإنجيل ما جاء به عيسى بتصديق موسى، وما جاء من التوراة من عند الله؛ وكل يكفر بما في (يدي) (٩) صاحبه.

وقال مجاهد (١٠) في تفسير هذه الآية: قد كانت أوائل اليهود والنصارى على شيء.


(١) ساقط من (ز) و (ض).
(٢) من (ك) و (ن) و (ى).
(٣) من (ج) و (ض) و (ك) و (ل) و (ى).
(٤) في (ن): "المرائين والمنافقين".
(٥) ساقط من (ز) و (ض).
(٦) في (ن): "بين".
(٧) أخرجه ابن جرير (١٨١١)؛ وابن أبي حاتم (١١١٠) من طريق محمد بن إسحاق به. [وسنده حسن].
(٨) كذا في (ج) و (ع) و (ك) و (ل). ووقع في (ز) و (ض) و (ن) و (ى): "أي".
(٩) في (ز) و (ن): "يد".
(١٠) أخرجه ابن جرير (١٨١٤) من طريق ابن جريج عن مجاهد. وابن جريج لم يسمع من مجاهد إلا حرفًا.