للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكفر والعناد والعتو؛ كما قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (٥٣)[الذاريات: ٥٢].

وقوله تعالى: ﴿قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (١١٨)﴾ أي: قد أوضحنا الدلالات على صدق الرسل بما لا يحتاج معها إلى سؤال آخر، وزيادة أخرى لمن (أيقن) (١) وصدق، واتبع الرسل، وفهم ما جاءوا به عن الله . وأما من ختم الله على قلبه وسمعه، وجعل على بصره غشاوة، فأولئك قال الله فيهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٢) (٩٧)[يونس].

﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (١١٩)﴾.

قال ابن أبي حاتم (٣): حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن صالح، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن (عبيد الله) (٤) الفزاري، عن شيبان النحوي، أخبرني قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي ؛ قال: "أنزلت على ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ قال: بشيرًا بالجنة، ونذيرًا من النار".

وقوله: ﴿وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ﴾ قراءة (أكثرهم) (٥): ولا تسأل - بضم التاء على الخبر.

وفي قراءة أُبي بن كعب: "وما تُسأل". وفي قراءة ابن مسعود: "ولن تُسأل عن أصحاب الجحيم" (٦)؛ نقلها ابن جرير؛ أي: لا نسألك عن كفر من كفر بك؛ كقوله: ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (٤٠)[الرعد: ٤٠]، وكقوله تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢)[الغاشية]، وكقوله تعالى: ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (٤٥)[ق] وأشباه ذلك من الآيات.

وقرأ آخرون: "ولا تَسْأل عن أصحاب الجحيم" - بفتح التاء على النهي؛ أي: لا تسأل عن حالهم، كما قال عبد (٧) الرزاق: أخبرنا الثوري، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب


(١) في (ك): "اتقى".
(٢) في هامش (ع): "بلغ مقابلة بقراءة المصنف معارضًا بأصله فسح الله في مدته".
(٣) في "تفسيره" (١١٥٥، ١١٥٦) وسنده ضعيف وعبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله قال أبو حاتم، كما في "الجرح والتعديل" (٢/ ٢/ ٢٨٢): "ليس بقوي" وذكره ابن حبان في "الثقات" (٧/ ٩١) وقال: "يعتبر بحديثه من غير روايته عن أبيه". وقتادة لم يصرح بتحديث. والله أعلم.
(٤) في (ع) و (ك) و (ن) و (ى): "عبد الله"!
(٥) كذا في (ج) و (ل) و (ن)؛ وفي (ز) و (ض) و (ع) و (ك) و (ى): "بعضهم" وما أثبته هو الصواب. وقرأ نافع ويعقوب: "ولا تسأل".
(٦) [وهي قراءة شاذة].
(٧) في "تفسيره" (١/ ٥٩) ومن طريقه ابن جرير في "تفسيره" (١٨٧٦).
وتوبع الثوري. تابعه سفيان بن عيينة، فرواه عن موسى بن عبيدة بسنده سواء.
أخرجه ابن أبي حاتم (١١٥٨) قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، ثنا سفيان. وتابعه أيضًا وكيع بن الجراح عن موسى بن عبيدة بسنده سواء؛ أخرجه ابن جرير (١٨٧٥) قال: حدثنا أبو كريب، قال:=