للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي صلاتها. فخفضه الله إلى الأرض، فلما فقد ما كان يسمع منهم استوحش حتَّى شكا ذلك إلى الله في دعائه وفي صلاته. فوجَّه إلى مكة، فكانت موضع قدمه قريةً، وخطوه مفازةً، حتَّى انتهى إلى مكة، وأنزل الله ياقوتةً من ياقوت الجنة، فكانت على موضع البيت الآن. فلم يزل يطوف به حتَّى أنزل الله الطوفان، فرفعت تلك الياقوتة، حتَّى بعث الله إبراهيم ، فبناه. وذلك قول الله تعالى: ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ﴾ [الحج: ٢٦].

وقال عبد الرزاق (١): أخبرنا ابن جريج، عن عطاء، قال: قال آدم: إني لا أسمع أصوات الملائكة؟! قال: بخطيئتك، ولكن اهبط إلى الأرض، فابن لي بيتًا ثم احفف به، كما رأيت الملائكة تحف ببيتي الذي في السماء. فيزعم الناس أنه بناه من خمسة أجبل: من حراء، وطور زيتا، وطور سينا، وجبل لبنان، والجودي. وكان ربضه من حراء. فكان هذا بناء آدم، حتَّى بناه إبراهيم ، بعد.

وهذا صحيح إلى عطاء، ولكن في بعضه نكاره، والله أعلم.

وقال عبد الرزاق (٢) أيضًا: أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: وضع الله البيت مع آدم (حين) (٣) أهبط الله آدم إلى الأرض، وكان مهبطه بأرض الهند. وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض، فكانت الملائكة تهابه، فنقص إلى ستين ذراعًا؛ فحزن (آدم) (٤) إذ فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم. فشكا ذلك إلى الله ﷿، فقال الله: يا آدم، إني قد أهبطت لك بيتًا تطوف به كما يطاف حول عرشي، وتصلي عنده كما يصلَّى عند عرشي، فانطلق إليه آدم، فخرج ومد له في خطوه، فكان بين كل خطوتين مفازة. فلم تزل تلك (المفاوز) (٥) بعد ذلك. فأتى آدم البيت فطاف به، ومن بعده من الأنبياء.

وقال ابن جرير (٦): حَدَّثَنَا (ابن حميد) (٧)، حَدَّثَنَا يعقوب (القمي) (٨)، عن حفص بن حميد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: وضع الله البيت على أركان الماء، على أربعة أركان، قبل أن تخلق الدنيا بألفى عام، ثم دحيت الأرض من تحت البيت.

وقال محمد بن إسحاق (٩): حدثني (عبد الله) (١٠) بن أبي نجيح، عن مجاهد وغيره من أهله العلم: أن الله لما بوأ إبراهيم مكان البيت خرج إليه من الشام، وخرج معه بإسماعيل وبأمه


(١) أخرجه ابن جرير (٢٠٣٧). [وصحح سنده الحافظ ابن كثير، والخبر من الإسرائيليات].
(٢) في "تفسيره" (٢/ ٣٤) ومن طريقه ابن جرير (٢٠٤٢). [وسنده صحيح لكنه من الإسرائيليات].
(٣) ساقط من (ز) و (ض) و (ك) و (ن) و (ى) وأشار ناسخ (ى) إلى أنها ثبتت في نسخة.
(٤) ساقط من (ز) و (ض).
(٥) في (ز) و (ض): "المفازة"؛ وفي (ك): "المفاوزة"!
(٦) في "تفسيره" (٢٠٤٦) وابن حميد هو محمد وتقدم ذكرنا لضعفه.
(٧) في (ج) و (ل): "أبو حميد"!
(٨) في (ك): "النقسمي"!
(٩) ومن طريقه ابن جرير (٢٠٤٨) وفي إسناده محمد بن حميد وسلمة بن الفضل. ولكن أخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" (١/ ٥٤) قال: حدثني جدي، قال: حدثني سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج، أخبرني محمد بن إسحاق، حدثني ابن أبي نجيح، عن مجاهد. وعثمان هذا ترجمه البخاري (٣/ ٢٢٧/٢)؛ وابن أبي حاتم (٣/ ١/ ١٥٣) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. ولم أره في "فهارس الثقات" لابن حبان.
(١٠) ساقط من (ز) و (ض).