للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وضعا الأساس. فذلك حين يقول (الله) (١) تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ﴾، ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ﴾ [الحج: ٢٦] فلما بنيا القواعد فبلغا مكان الركن. قال إبراهيم لإسماعيل: يا بني! اطلب لي حجرًا حسنًا أضعه ها هنا. قال: يا أبت، إني كسلان (لغب) (٢).

قال: علي بذلك فانطلق (٣) يطلب له حجرًا، وجاءه جبريل بالحجر الأسود من الهند، وكان أبيض، ياقوتةً (بيضاء) (٤) مثل الثغامة، وكان آدم هبط به من الجنة فاسود من خطايا الناس، فجاءه إسماعيل بحجر فوجده عند الركن، فقال: يا أبه، من جاءك بهذا؟ قال: جاء به من هو أنشط منك. فبنيا وهما يدعوان الكلمات التي ابتلي (بهن) (٥) إبراهيم ربُّه، (فقال) (٦): ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.

وفي هذا السياق ما يدلُّ على أن قواعد البيت كانت مبنيةً قبل إبراهيم. وإنما هُديَ إبراهيم إليها وبوئ لها. وقد ذهب إلى (هذا) (٧) ذاهبون، كما قال الإمام (عبد الرزاق) (٨): أخبرنا معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ﴾ (قال) (٩): القواعد التي كانت قواعد البيت قبل ذلك.

وقال عبد الرزاق (١٠) أيضًا: أخبرنا هشام بن حسان، عن سوَّار - ختن عطاء - عن عطاء بن أبي رباح، قال: لما أهبط الله آدم من الجنة، كانت رجلاه في الأرض ورأسه في السماء يسمع كلام أهل السماء ودعاءهم، يأنس إليهم، (فهابت) (١١) الملائكة، حتَّى شكت إلى الله في دعائها


(١) لفظ الجلالة من (ل).
(٢) في (ك): "تعب". وهي كذلك في "تفسير الطبري"؛ وفي سائر "الأصول" ما أثبته وهو الموافق لما في "تفسير ابن أبي حاتم".
(٣) في "تفسير الطبري" زيادة قبل هذه اللفظة وهي: "فانطلق فطلب حجرًا فجاءه بحجر فلم يرضه، قال: ائتني بحجر أحسن من هذا، فانطلق يطلب له حجرًا … إلخ".
(٤) ساقط من (ج).
(٥) من (ل).
(٦) في (ل): "بكلمات فقال".
(٧) في (ز) و (ض): "ذلك".
(٨) في (ج): "عبد الرزاق أيضًا" وقوله: "أيضًا" لا وجه له لأنَّهُ لم يتقدم ذكر لعبد الرزاق إنما قالها ابن كثير بعد ذلك في رواية هشام بن حسان، فكأنه سبق قلم ابن المخب ناسخ (ج) فكتبها. والله أعلم. وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (١/ ٥٨، ٥٩) ومن طريقه ابن جرير (٢٠٣٨) قال: أخبرنا معمر. وتوبع عبد الرزاق. تابعه محمد بن ثور عن معمر مثله أخرجه ابن أبي حاتم (١٢٤٢) من طريق نعيم بن حماد ثنا محمد بن ثور. [وصحح سنده الحافظ ابن حجر (فتح الباري ٨/ ١٧٠)].
(٩) في (ج): "قالوا".
(١٠) أخرجه ابن جرير (٢٠٤١)؛ وفي "تاريخه" (١/ ٦١) من طريق عبد الرزاق به. وسنده ضعيف وسوار ختن عطاء هو ابن أبي حكيم. ترجمه البخاري في "الكبير" (٢/ ٢/ ١٦٨)؛ وابن أبي حاتم (٢/ ١/ ٢٧٣) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وذكره ابن حبان في "الثقات" (٦/ ٤٢٢) فهو مجهول الحال. وانتقل نظر الشيخ أحمد شاكر فنقل في تعليقه على "تفسير الطبري" (٣/ ٦٠) تصحيح ابن كثير لهذا الخبر وابن كثير إنما صحح الخبر الذي بعده. والله أعلم. ثم رأيته في "أخبار مكة" (١/ ٣٦) للأزرقي فرواه من طريق جده قال: ثنا سعيد بن سالم، عن طلحة بن عمرو الحضرمي، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس وسياقه مطول. وسنده ضعيف جدًّا. وطلحة بن عمرو متروك الحديث.
(١١) كذا في سائر "الأصول"؛ وفي (ز): "فهابته" وهو الموافق لما في "تفسير الطبري".