للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحبه، حتَّى انتهت إلى مكة، (فتطوت) (١) على موضع البيت كطي الحجفة، وأمر إبراهيم أن يبنى حيث تستقر السكينة. فبنى إبراهيم وبقي حجر، فذهب الغلام يبغي شيئًا. فقال إبراهيم: أبغني حجرًا كما آمرك. قال: فانطلق الغلام يلتمس له حجرًا، فأتاه به، فوجده قد ركب الحجر الأسود في مكانه. فقال: يا أبه، من أتاك بهذا الحجر؟ فقال: أتاني به من (لم) (٢) يتكل على بنائك، جاء به جبريل ، من السماء. فأتماه.

وقال ابن أبي حاتم (٣): حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، حَدَّثَنَا سفيان، عن بشر بن عاصم، عن سعيد بن المسيب، عن كعب الأحبار، قال: كان البيت غثاءةً على الماء قبل أن يخلق الله الأرض بأربعين عامًا، ومنه دحيت الأرض.

قال سعيد (٤): وحدثنا علي بن أبي طالب: أن إبراهيم أقبل من أرمينية، ومعه السكينة تدلُّه على (تبوء) (٥) البيت كما تتبوأ العنكبوت بيتًا، قال: فكشفت عن أحجار (لا يطيق) (٦) الحجر إلا ثلاثون رجلًا. (فقلت) (٧): يا أبا محمد، فإن الله يقول: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ﴾ قال: كان ذلك بعد.

وقال السدي (٨): إن الله ﷿، أمر إبراهيم أن يبني (البيت) (٩) هو وإسماعيل: ابنيا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود، فانطلق إبراهيم ، حتَّى أتى مكة، فقام هو وإسماعيل، وأخذا المعاول لا يدريان أين البيت؟ فبعث الله ريحًا، يقال لها: ريح الخجوج، لها جناحان ورأس في صورة حية، فكشفت لهما ما حول الكعبة عن أساس البيت الأول، واتبعاها بالمعاول يحفران حتَّى


(١) في (ك): "فنظرت"! وتطوت: يعني: استدارت. يقال: تطوت الحية؛ تحوت والتفت بعضها على بعض واستدارت كالطوق. والحجفة: الترس من الجلد. (شاكر).
(٢) في (ل): "لا".
(٣) في "تفسيره" (١٢٤٥).
وأخرجه ابن جرير (٢٠٥٠) من طريق عبد الرزاق. والأزرقي في "أخبار مكة" (١/ ٣١) قال: حَدَّثَنَا جدي أحمد بن محمد بن الوليد قالا: ثنا سفيان بن عيينة بهذا الإسناد. وسنده صحيح إلى كعب.
(٤) هو ابن المسيب، وهذا من تتمة الخبر وقد وقع هكذا في "تفسير ابن أبي حاتم": "سعيد بن المسيب قال: وحدثنا علي بن أبي طالب" وكذلك أخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" (١/ ٦٢) قال: حدثني جدي، ثنا ابن عيينة، عن بشر بن عاصم، عن سعيد بن المسيب قال: أخبرني علي بن أبي طالب؛ وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (١٠/ ٣٢) من وجه آخر عن ابن عيينة؛ وأخرجه الحاكم (٢/ ٢٦٧) من طريق زكريا بن إسحاق، عن بشر بن عاصم لإسناده وفيه: "سعيد ثنا علي بن أبي طالب". ولكن وقع في "تفسير الطبري" (٢٠٥٠) من طريق عبد الرزاق نا ابن عيينة، بسنده قال: "سعيد: وحدثنا عن علي". وهذا يدلُّ على الانقطاع. ورجح الشيخ أبو الأشبال أن الصواب ما وقع عند ابن أبي حاتم وغيره من ثبوت الاتصال. والله أعلم. وعزاه السيوطي في "الدر" (١/ ١٢٦) لسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر.
(٥) في (ك): "بنوا".
(٦) في (ج): "ولا يطيق".
(٧) في (ز) و (ض): "قلت".
(٨) أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (٢٠٠٩، ٢٠٥٣)؛ وفي "تاريخه" (١/ ١٢٩) قال: حدثني موسى بن هارون؛ وابن أبي حاتم (١٢٤٧) قال: قال: حَدَّثَنَا أبو زرعة قالا: ثنا عمرو بن حماد، ثنا أسباط، عن السدي. [وسنده حسن].
(٩) ساقط من (ز) و (ض).