للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب () (١) في هذا السياق ما يخالف بعض (هذا) (٢)، كما قال ابن جرير (٣):

حَدَّثَنَا محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى قالا: حَدَّثَنَا مؤمل، حَدَّثَنَا سفيان، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن علي بن أبي طالب، قال: لما أمر إبراهيم ببناء البيت، خرج معه إسماعيل وهاجر. قال: فلما قدم مكة رأى على رأسه في موضع البيت مثل الغمامة، فيه مثل الرأس. فكلمه، قال: يا إبراهيم، ابنِ على ظلي - أو قال: على قدري - ولا تزد ولا تنقص، فلما بنى خرج، وخلَّف إسماعيل وهاجر، فقالت هاجر: يا إبراهيم، إلى من تكلنا؟ قال: إلى الله. قالت: انطلق، فإنه لا يضيعنا. قال: فعطش إسماعيل عطشًا شديدًا، قال: فصعدت هاجر إلى الصفا فنظرت فلم تر شيئًا، حتَّى أتت المروة فلم تر شيئًا، ثم رجعت إلى الصفا فنظرت فلم تر شيئًا، حتَّى أتت المروة فلم تر شيئًا، ثم رجعت إلى الصفا فنظرت فلم تر شيئًا، حتَّى فعلت ذلك سبع مرات، فقالت: يا إسماعيل، (مُت) (٤) حيث لا أراك. فأتته وهو يفحص برجله من العطش. فناداها جبريل فقال لها: من أنت؟ قالت: أنا هاجر أم ولد إبراهيم. قال: (٥) [فإلى من وكلكما؟ قالت: وكلنا إلى الله (﷿) (٦) قال] (٥): (وكلكما) (٧) (إلى) (٨) كافٍ. قال: ففحص الأرض فيصبعه، فنبعت زمزم. فجعلت تحبس الماء فقال: فإنها رواء.

ففي هذا السياق أنه بنى البيت قبل أن يفارقهما، وقد يحتمل - إن كان محفوظًا - أن يكون أولًا وضع له حوطًا وتحجيرًا، لا أنه بناه إلى أعلاه، حتَّى كبر إسماعيل فبنياه معًا، كما قال الله تعالى.

ثم قال ابن جرير (٩): حَدَّثَنَا هناد بن السري، حَدَّثَنَا أبو الأحوص، عن سماك، عن خالد بن عرعرة، أن رجلًا قام إلى علي ، فقال: ألا تخبرني عن البيت، أهو أول بيت وضع في الأرض؟ قال: لا، ولكنه أول بيت وضع (فيه) (١٠) البركة مقام إبراهيم، ومن دخله كان آمنًا، وإن شئت أنبأتك كيف بُني: إن الله أوحى إلى إبراهيم أن ابن لي بيتًا في الأرض، قال: فضاق إبراهيم بذلك ذرعًا فأرسل الله السكينة - وهي ريح خجوج (١١)، ولها رأسان - فأتبع أحدهما


(١) من (ل).
(٢) في (ل): "هذاك".
(٣) في "تفسيره" (٢٠٥٧)؛ وأخرجه في "التاريخ" (١/ ١٢٩) بهذا الإسناد سواء. وأخرج الأزرقي في "أخبار مكة" (١/ ٦٠) طرفًا منه من طريق محمد بن أبان عن أبي إسحاق السبيعي بهذا الإسناد، ومؤمل بن إسماعيل صدوق لكنه كان كثير الخطأ، ولم يكن من الرفعاء من أصحاب الثوري.
(٤) كذا في (ز) وهو الموافق لما في "تفسير الطبري"؛ وفي سائر "الأصول": "من".
(٥) ساقط من (ل) وعنده: "فإنه وكلكما".
(٦) من (ك).
(٧) في (ج): "كلكما"!
(٨) ساقط من (ز) و (ض).
(٩) في "تفسيره" (٢٠٥٨)؛ وأخرجه في "تاريخه" (١/ ١٢٨، ١٢٩) بهذا الإسناد.
أخرجه الحاكم (٢/ ٢٩٢، ٢٩٣) وقال: "صحيح على شرط مسلم". كذا قال، وخالد بن عرعرة فضلًا عن أنه ليس من رجال مسلم، بل لم يخرج له أحد من الستة.
(١٠) في سائر "الأصول": "في". وانظر ما كتبه الشيخ محمود شاكر (٣/ ٧٠) .
(١١) الخجوج: هي الرياح الشديدة العاتية.