للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن النبي قال: "أنا وأُمتي يوم القيامة على كوم (١) مشرفين على الخلائق، ما من الناس إلا ودّ أنه مِنّا، وما من نبي كذبه قومه إلا ونحن نشهد أنه قد بلغ رسالة ربه ﷿" (٢).

وروى الحاكم في مستدركه وابن مردويه أيضًا، واللفظ له من حديث مصعب بن ثابت، عن محمد بن كعب القرظي، عن جابر بن عبد الله قال: شهد رسول الله جنازة في بني سلمة، وكنت إلى جانب رسول الله فقال بعضهم: والله يا رسول الله لِنَعْم المرء كان، لقد كان عفيفًا مسلمًا، وكان: وأثنوا عليه خيرًا، فقال رسول الله : "أنت بما تقول". فقال الرجل: الله أعلم بالسرائر، فأما الذي بدا لنا منه فذاك، فقال النبي : "وجبت"، ثم شهد جنازة في بني حارثة، وكنت إلى جانب رسول الله ، فقال بعضهم: يا رسول الله، بئس المرء كان، إن كان لَفظًّا غليظًا، فأثنوا عليه شرًا، فقال رسول الله لبعضهم: "أنت بالذي تقول؟ ". فقال الرجل: الله أعلم بالسرائر فأمّا الذي بدا لنا منه فذاك. فقال رسول الله : "وجبت". قال مصعب بن ثابت: فقال لنا عند ذلك محمد بن كعب: صدق رسول الله ، ثم قرأ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾. ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (٣).

وقال الإمام أحمد: حدثنا يونس بن محمد، حدثنا داود بن أبي الفرات، عن عبد الله بن بُريدة، عن أبي الأسود أنه قال: أتيت المدينة فوافقتها، وقد وقع بها مرض، فهم يموتون موتًا ذريعًا، فجلست إلى عمر بن الخطاب فمرّت به جنازة، فأُثنى على صاحبها خيرًا، فقال: وجبت، وجبت، ثم مرّ بأخرى فأُثنى عليها شرًا، فقال عمر: وجبت. فقال أبو الأسود: ما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال: قلت كما قال رسول الله : "أيما مسلم شَهِد له أربعة بخير أدخله الله الجنة". قال: فقلنا: وثلاثة؟ قال: فقال: "وثلاثة". قال: فقلنا: واثنان؟ قال: "واثنان". ثم لم نسأله عن الواحد.

وكذا رواه البخاري والترمذي والنسائي من حديث داود بن أبي الفرات به (٤).

وقال ابن مردويه: حدثنا أحمد بن عثمان بن يحيى، حدثنا أبو قلابة الرقاشي، حدثني أبو الوليد، حدثنا نافع بن عمر، حدثني أمية بن صفوان، عن أبي بكر بن أبي زهير الثقفي [عن أبيه] (٥) قال: سمعت رسول الله بالنَّباوة (٦) يقول: "يوشك أن تعلموا خياركم من شراركم". قالوا: بمَ يا رسول الله؟ قال: "بالثناء الحسن والثناء السيئ، أنتم شهداء الله في الأرض" (٧).


(١) قال ابن الأثير: وأصل الكوم: من الارتفاع والعلو (النهاية ٤/ ٢١٠).
(٢) في سنده شيخ المغيرة مجهول، ويشهد له ما تقدم وما تأخر من الروايات.
(٣) أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه وتعقبه الذهبي بقوله: مصعب ليس بالقوي (المستدرك ٢/ ٢٦٨)، ويشهد له حديث عمر الذي يليه كما سيأتي تخريجه.
(٤) أخرجه البخاري، الصحيح، الجنائز، باب ثناء الناس على الميت (ح ١٣٦٨).
(٥) كذا في نسخة (عش) و (عف) و (ح) و (مح). وفي الأصل: "عن لبيد" وهو تصحيف كما سيأتي في التخريج.
(٦) وفي سنن ابن ماجه: والنباوة من الطائف (ح ٤٢٢١).
(٧) أخرجه ابن ماجه، السنن، الزهد، باب الثناء الحسن (ح ٤٢٢١)، وأحمد في المسند ٣/ ٤١٦، والحاكم =