للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سورة الفتح بكمالها، وأنزل لهم رخصة أن يذبحوا ما معهم من الهدي، وكان سبعين بدنة، [وأن يحلقوا رؤوسهم] (١) وأن يتحللوا من إحرامهم، فعند ذلك أمرهم أن يحلقوا رؤوسهم وأن يتحللوا، فلم يفعلوا انتظارًا للنسخ، حتى خرج فحلق رأسه ففعل الناس، وكان منهم من قصَّر رأسه ولم يحلقه، فلذلك قال : "رحم الله المحلقين" قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ فقال في الثالثة: "والمقصرين" (٢). وقد كانوا اشتركوا في هديهم ذلك كل سبعة في بدنة، وكانوا ألفًا وأربعمائة، وكان منزلهم بالحديبية خارج الحرم، وقيل: بل كانوا على طرف الحرم، فالله أعلم.

ولهذا اختلف العلماء: هل يختص الحصر بالعدو؟ فلا يتحلل إلا من حصره عدو لا مرض ولا غيره على قولين:

فقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، وابن طاوس، عن أبيه عن ابن عباس، وابن أبي نجيح، عن ابن عباس، أنه قال: لا حصر إلا حصر العدو، فأما من أصابه مرض أو وجع أو ضلال فليس عليه شيء، إنما قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ﴾ فليس الأمن حصرًا (٣). قال: وروي عن ابن عمر وطاوس والزهري وزيد بن أسلم نحو ذلك (٤)، والقول الثاني: إن الحصر أعم من أن يكون بعدو أو مرض أو ضلال، وهو التوهان عن الطريق أو نحو ذلك، قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا حجاج بن الصواف، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن الحجاج بن عمرو الأنصاري، قال: سمعت رسول الله : "من كسر أو عرج فقد حلَّ وعليه حجة أخرى" قال: فذكرت ذلك لابن عباس وأبي هريرة فقالا: صدق (٥).

وأخرجه أصحاب الكتب الأربعة من حديث يحيى بن أبي كثير به (٦)، [وفي رواية لأبي داود وابن ماجه: "من عرج أو كسر أو مرض"، فذكر معناه] (٧).

ورواه ابن أبي حاتم عن الحسن بن عرفة، عن إسماعيل بن عُلية، عن الحجاج بن أبي عثمان الصواف به، ثم قال: وروي عن ابن مسعود وابن الزبير وعلقمة وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير ومجاهد والنخعي وعطاء ومقاتل بن حيان أنهم قالوا: الإحصار من عدو أو


(١) ما بين معقوفين سقط من الأصل و (عش) و (ح) واستدرك من (عف).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر، الحج، باب تفضيل الحلق على التقصير (ح ١٣٠١).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه وفي هذه الرواية الثلاثة طرق الأول والثاني أسانيد ثابتة والثالث ابن أبي نجيح لم يدرك ابن عباس إلا أنه متابع بعمرو بن دينار وطاوس.
(٤) ذكرهم ابن أبي حاتم كلهم بحذف السند.
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٤٥٠) وهو حديث صحيح كما يلي.
(٦) أخرجه أبو داود في سننه، الحج، باب الإحصار (ح ١٨٨٢) والنسائي في سننه، مناسك الحج، باب فيمن أحصر بعدو ٥/ ١٨٩، والترمذي في سننه المناسك، باب المحصر (ح ٣٠٧٧)، والترمذي في سننه، الحج، باب في الذي يهل بالحج (ح ٩٤٠) كلهم من طريق حجاج بن الصواف به، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ١/ ٤٧٠).
(٧) ما بين معقوفين زيادة من (عش) و (عف) و (ح).