للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن علقمة أنه قرأ (وأقيموا الحج والعمرة) إلى البيت (١)، [وكذا روى الثوري أيضًا، عن منصور، عن إبراهيم، أنه قرأ: (وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت)] (٢)، وقرأ الشعبي: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ برفع العمرة (٣)، وقال: ليست بواجبة. وروي عنه خلاف ذلك (٤).

وقد وردت أحاديث كثيرة من طرق متعددة، عن أنس وجماعة من الصحابة، أن رسول الله جمع في إحرامه بحج وعمرة، وثبت عنه في الصحيح أنه قال لأصحابه: "من كان معه هدي فليهل بحج وعمرة" (٥)، وقال: في الصحيح أيضًا: "دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة" (٦).

وقد روى الإمام أبو محمد بن أبي حاتم في سبب نزول هذه الآية حديثًا غريبًا، فقال: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا أبو عبد الله الهروي، حدثنا غسان الهروي، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن عطاء، عن صفوان بن أُمية، أنه قال: جاء رجل إلى النبي متضمخ بالزعفران، عليه جبة، فقال: كيف تأمرني يا رسول الله في عمرتي؟ قال: فأنزل الله: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ فقال رسول الله : "أين السائل عن العمرة"؟ فقال: ها أنا ذا، فقال له: "ألق عنك ثيابك ثم اغتسل واستنشق ما استطعت، ثم ما كنت [صانعًا] (٧) في حجك فاصنعه في عمرتك" (٨).

هذا حديث غريب وسياق عجيب، والذي ورد في الصحيحين عن يعلى بن أُمية في قصة الرجل الذي سأل النبي وهو بالجعرانة، فقال: كيف ترى في رجل أحرم بالعمرة وعليه جبة وخلوق؟ فسكت رسول الله ، ثم جاءه الوحي ثم رفع رأسه فقال: "أين السائل؟ " فقال: ها أنا ذا، فقال: "أما الجبة فانزعها، وأما الطيب الذي بك فاغسله، ثم ما كنت صانعًا في حجك فاصنعه في عمرتك" (٩).

ولم يذكر فيه الغسل والاستنشاق، ولا ذكر نزول هذه الآية، وهو عن يعلى بن أُمية لا صفوان بن أمية، فالله أعلم.

وقوله: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ ذكروا أن هذه الآية نزلت في سنة ست؛ أي عام الحديبية حين حال المشركون بين رسول الله وبين الوصول إلى البيت، وأنزل الله في ذلك


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان به. وهي قراءة شاذة تفسيرية.
(٢) ما بين معقوفين زيادة من (عش) و (عف).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن عون عن الشعبي وسنده صحيح. وهي قراءة شاذة تفسيرية.
(٤) أي أنها واجبة وقد ثبت ذلك فيما رواه ابن أبي حاتم بسند صحيح عن عمر بن الخطاب، ثم نقل ذلك عن جمع من التابعين بحذف السند.
(٥) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أسماء بنت أبي بكر بلفظ: "من كان معه هدي فليقم على إحرامه … " (كتاب الحج، باب ما يلزم من طاف بالبيت وسعى ح ١٢٣٦).
(٦) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر الطويل (كتاب الحج، باب حجة النبي ح ١٢١٨).
(٧) سقط من الأصل واستدرك من (عش) و (عف) التخريج.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه وهو مخالف لما في الصحيحين كما سيأتي، وحكم عليه الحافظ ابن كثير بالغرابة.
(٩) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب جزاء الصيد، باب إذا أحرم جاهلًا وعليه قميص (ح ١١٤٧) مختصرًا وأخرجه مسلم في صحيحه، الحج، باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة (ح ١١٨٠) كاملًا.