للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مكحول: إتمامهما إنشاؤهما جميعًا من الميقات (١).

وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري، قال: بلغنا أن عمر قال في قول الله: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ لِلَّهِ﴾: من تمامهما أن تفرد كل واحد منهما من الآخر، وأن تعتمر في غير أشهر الحج، إن الله تعالى يقول: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ (٢) [البقرة: ١٩٧].

وقال هشيم: عن ابن عون: سمعت القاسم بن محمد يقول: إن العمرة في أشهر الحج ليست بتامة، فقيل له: فالعمرة في المُحَرَّم (٣)؟ قال: كانوا يرونها تامة (٤).

وكذا روي عن قتادة بن دِعامة رحمهما الله (٥).

وهذا القول فيه نظر، لأنه قد ثبت أن رسول الله ، اعتمر أربع عُمر، كلها في ذي القعدة، عمرة الحديبية في ذي القعدة سنة ست، وعمرة القضاء في ذي القعدة سنة سبع، وعمرة الجعرانة في ذي القعدة سنة ثمان وعمرته التي مع حجته أحرم بهما معًا في ذي القعدة سنة عشر ولا اعتمر قط في غير ذلك بعد هجرته، ولكن قال [لتلك المرأة] (٦): "عمرة في رمضان تعدل حجة معي"، وما ذاك إلا لأنها كانت قد عزمت على الحج معه ، فاعتاقت عن ذلك بسبب الطهر، كما هو مبسوط في الحديث عند البخاري ونصَّ سعيد بن جبير على أنه من خصائصها، والله أعلم.

وقال السدي في قوله: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾: أي أقيموا الحج والعمرة (٧). وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾، يقول: من أحرم بحج أو بعمرة فليس له أن يحلّ، حتى يتمهما تمام الحج يوم النحر، إذا رمى جمرة العقبة، وزار البيت [وطاف] (٨) بالصفا والمروة فقد حلَّ (٩).

وقال قتادة، عن زرارة، عن ابن عباس أنه قال: الحج عرفة، والعمرة الطواف (١٠).

وكذا روى الأعمش: عن إبراهيم، عن علقمة في قوله: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾، قال: هي قراءة عبد الله ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ إلى البيت﴾ لا يجاوز بالعمرة البيت قال إبراهيم: فذكرت ذلك لسعيد بن جبير، فقال كذلك قال ابن عباس (١١). وقال سفيان عن الأعمش، عن إبراهيم،


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح عن مكحول.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم عن أحمد بن منصور الرمادي عن عبد الرزاق به، وبين الزهري وعمر انقطاع.
(٣) كذا في (عش) و (عف)، وفي الأصل: "اليوم".
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة عن هشيم به (المصنف ٤/ ٤٦) وسنده صحيح.
(٥) أخرجه الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة، عنه وسنده صحيح.
(٦) كذا في (عش) و (ح) و (عف) و (حم)، وفي الأصل: "لأم هانئ" والصواب ما أثبتنا، لأن البخاري صرح باسمها وهي أم سنان الأنصارية الصحيح، كتاب جزاء الصيد، باب حج النساء (ح ١٨٦٣).
(٧) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق إسباط عن السدي.
(٨) قوله: "وطاف" من نسخة (عف).
(٩) أخرجه الطبري بسنده الثابت من طريق علي بن أبي طلحة به وأطول.
(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق شعبة عن قتادة به.
(١١) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق أبي معاوية عن الأعمش به، وسنده صحيح. وهي قراءة شاذة تفسيرية.