للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان معسرًا أمتعها بثلاثة أثواب (١).

[وقال الشعبي: أوسط ذلك درع وخمار وملحفة وجلباب] (٢)، قال: وكان شريح يمتع بخمسمائة (٣).

وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، قال: كان يمتع بالخادم أو بالنفقة أو بالكسوة (٤). قال: ومتع الحسن بن علي بعشرة آلاف، ويروى أن المرأة قالت: متاع قليل من حبيب مفارق (٥).

وذهب أبو حنيفة إلى أنه متى تنازع الزوجان في مقدار المتعة وجب لها عليه نصف مهر مثلها.

وقال الشافعي في الجديد: لا يجبر الزوج على قدر معلوم إلا أقل ما يقع عليه اسم المتعة، وأحب ذلك إلي أن يكون أقله ما يجزئ فيه الصلاة. وقال في القديم: لا أعرف في المتعة وقتًا إلا إني أستحسن ثلاثين درهمًا، كما روي عن ابن عمر .

وقد اختلف العلماء أيضًا: هل تجب المتعة لكل مطلقة أو إنما تجب المتعة لغير المدخول بها التي لم يفرض لها؟ على أقوال:

(أحدها): أنها تجب المتعة لكل مطلقة لعموم قوله تعالى: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١)[البقرة] ولقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٢٨)[الأحزاب] وقد كن مفروضًا لهن ومدخولًا بهن، وهذا قول سعيد بن جبير وأبي العالية والحسن البصري (٦)، وهو أحد قولي الشافعي ومنهم من جعله الجديد الصحيح، والله أعلم.

(والقول الثاني): أنها تجب للمطلقة إذا طلقت قبل المسيس، وإن كانت مفروضًا لها، لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٤٩)[الأحزاب] قال شعبة وغيره، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، قال: نسخت هذه الآية التي في الأحزاب الآيةَ التي في البقرة (٧). وقد روى البخاري في صحيحه، عن سهل بن سعد وأبي أُسيد. أنهما قالا: تزوج رسول الله أُميمة بنت سراحيل، فلما أدخلت عليه، بسط يده إليها، فكأنها كرهت ذلك، فأمر أبا أُسيد أن يجهزها ويكسوها ثوبين رازقيين (٨).

(القول الثالث): أن المتعة إنما تجب للمطلقة إذا لم يدخل بها ولم يفرض لها، فإن كان قد


(١) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة به.
(٢) ما بين قوسين زيادة من (عف) و (ح) و (حم).
(٣) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي.
(٤) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه (المصنف رقم ١٢٢٥٦) وسنده صحيح.
(٥) أخرجه عبد الرزاق بالسند المتقدم وابن سيرين لم يسمع من الحسن بن علي.
(٦) أخرجه الطبري بأسانيد صحيحة عن الثلاثة التابعين.
(٧) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق محمد بن جعفر عن شعبة به.
(٨) صحيح البخاري، الطلاق، باب من طلق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق (ح ٥٢٥٦ - ٥٢٥٧). والثياب الرازقية: ثياب من قطن بيض طوال (ينظر: فتح الباري ٩/ ٣٥٩).