للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأملت عليَّ (حافظوا على الصلوات والصلاة والوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين) (١). هكذا رواه محمد بن إسحاق بن يسار فقال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي ونافع مولى ابن عمر، أن عمر بن نافع قال … فذكر مثله، وزاد كما حفظتها من النبي (٢).

(طريق أخرى عن حفصة) قال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن عبد الله بن يزيد الأزدي، عن سالم بن عبد الله، أن حفصة أمرت إنسانًا أن يكتب لها مصحفًا، فقالت: إذا بلغت هذه الآية ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ فآذني، فلما بلغ آذنها، فقالت: اكتب (حافظوا على الصلوات والصلاة والوسطى وصلاة العصر).

(طريق أخرى) قال ابن جرير: حدثني ابن المثنى، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا عبيد الله عن نافع، أن حفصة أمرت مولى لها أن يكتب لها مصحفًا، فقالت: إذا بلغت هذه الآية ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ فلا تكتبها حتى أمليها عليك كما سمعت رسول الله يقرؤها، فلما بلغها أمرته فكتبها (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين). قال نافع: فقرأت ذلك المصحف، فوجدت فيه الواو.

وكذا روى ابن جرير عن ابن عباس وعبيد بن عمير أنهما قرءا كذلك.

وقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا عبدة بن سليمان حدثنا محمد بن عمرو، حدثني أبو سلمة، عن عمرو بن رافع مولى عمر، قال: كان في مصحف حفصة (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين) (٣).

وتقرير المعارضة أنه عطف صلاة العصر على الصلاة الوسطى بواو العطف التي تقتضي المغايرة، فدلَّ ذلك على أنها غيرها، وأجيب عن ذلك بوجوه:

(أحدها): أن هذا إن روي على أنه خبر، فحديث عليٍّ أصحّ وأصرح منه، وهذا يحتمل أن تكون الواو زائدة، كما في قوله: ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (٥٥)[الأنعام]، ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (٧٥)[الأنعام]، أو تكون لعطف الصفات لا لعطف الذوات، كقوله: ﴿وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب]، وكقوله: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (٤)[الأعلى]، وأشباه ذلك كثيرة وقال الشاعر:

إلى الملك القرم وابن الهمام … وليث الكتيبة في المزدحم

وقال أبو داود الأيادي:

سلط الموت والمنون عليهم … فلهم في صدى المقابر هام (٤)


(١) أخرجه الإمام مالك بسنده ومتنه (الموطأ، صلاة الجماعة، باب الصلاة الوسطى ١/ ١٣٩ ح ٢٦)، وسنده صحيح.
(٢) أخرجه أبو يعلى (المسند ١٣/ ٥٠ ح ٧١٢٩)، وابن حبان (موارد الظمآن ح ١٧٢٢) كلاهما من طريق ابن إسحاق به، وسنده حسن.
(٣) ذكر الطبري هذه الروايات الخمس بأسانيده، وأصله في الصحيح كما تقدم.
(٤) ذكره ابن منظور في لسان العرب ١٢/ ٦٢٥.