للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤]. قال البخاري: حدثنا أُمية، حدثنا يزيد بن زريع، عن حبيب، عن ابن أبي مليكة، قال ابن الزبير: قلت لعثمان بن عفان: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا﴾ قد نسختها الآية الأخرى، فلم تكتبها أو تدعها، قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئًا منه من مكانه (١).

ومعنى هذا الإشكال الذي قاله ابن الزبير لعثمان: إذا كان حكمها قد نسخ بالأربعة الأشهر فما الحكمة في إبقاء رسمها مع زوال حكمها، وبقاء رسمها بعد التي نسختها يوهم بقاء حكمها؟ فأجابه أمير المؤمنين، بأن هذا أمر توقيفي، وأنا وجدتها مثبتة في المصحف كذلك بعدها، فأثبتها حيث وجدتها.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج وعثمان بن عطاء، عن عطاء، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ﴾ فكان للمتوفى عنها زوجها نفقتها وسكناها في الدار سنة، فتنسخها آية المواريث فجعل لهن الثمن أو الربع مما ترك الزوج (٢)، ثم قال: وروي عن أبي موسى الأشعري وابن الزبير ومجاهد وإبراهيم وعطاء والحسن وعكرمة وقتادة والضحاك وزيد بن أسلم والسدي ومقاتل بن حيان وعطاء الخراساني والربيع بن أنس أنها منسوخة (٣).

وروي من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قال: كان الرجل إذا مات وترك امرأته اعتدت سنة في بيته ينفق عليها من ماله، ثم أنزل الله بعد ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] فهذه عدة المتوفى عنها زوجها، إلا أن تكون حاملًا، فعدتها أن تضع ما في بطنها، وقال: ﴿وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ﴾ [النساء: ١٢] فبين ميراث المرأة وترك الوصية والنفقة (٤).

قال: وروي عن مجاهد والحسن وعكرمة وقتادة والضحاك والربيع ومقاتل بن حيان، قالوا: نسختها ﴿أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾. قال: وروي عن سعيد بن المسيب، قال: نسختها التي في الأحزاب ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ الآية (٥) [الأحزاب: ٤٩].

(قلت): وروي عن [مقاتل] (٦) وقتادة أنها منسوخة بآية الميراث.


(١) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، تفسير سورة البقرة، باب ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا … ﴾ [البقرة: ٢٣٤] ح ٤٥٣٠).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، في سنده عطاء الخراساني صدوق يهم كثيرًا ولم يسمع من ابن عباس شيئًا (المراسيل ١٥٧)، وسنده ضعيف وقد توبع فقد أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بنحوه ويشهد له الروايات التالية.
(٣) ذكرهم كلهم ابن أبي حاتم بحذف السند، وقول ابن الزبير تقدم في رواية البخاري السابقة، وقول مجاهد وإبراهيم النخعي أخرجه الطبري بأسانيد صحيحة، وقول قتادة أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عنه.
(٤) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت عنه.
(٥) ذكرهم كلهم ابن أبي حاتم بحذف السند.
(٦) سقط من الأصل لفظ: "مقاتل"، واستدرك من (عف) و (حم) و (ح).