للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله : "نعم" قالت: فانصرفت حتى إذا كنت في الحجر ناداني رسول الله أو أمر بي فنوديت له فقال: "كيف قلت؟ " فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي، فقال: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله" قالت: فاعتددتُ فيه أربعة أشهر وعشرًا، قالت: فلما كان عثمان بن عفان أرسل إليَّ فسألني عن ذلك، فأخبرته فاتبعه وقضى به (١). وكذا رواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث مالك به. ورواه النسائي أيضًا وابن ماجه من طرق عن سعد بن إسحاق به، وقال الترمذي: حسن صحيح (٢).

وقوله: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١)﴾ قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم لما نزل قوله تعالى: ﴿مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٦]: قال رجل: إن شئت أحسنت ففعلت، وإن شئت لم أفعل، فأنزل الله هذه الآية ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١)(٣).

وقد استدل بهذه الآية، من ذهب من العلماء، إلى وجوب المتعة لكل مطلقة، سواء كانت مفوضة، أو مفروضًا لها، أو مطلقة قبل المسيس، أو مدخولًا بها، وهو قول عن الشافعي ، وإليه ذهب سعيد بن جبير، وغيره من السلف (٤)، واختاره ابن جرير، ومن لم يوجبها مطلقًا، يخصص من هذا العموم مفهوم قوله تعالى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦)[البقرة] وأجاب الأولون بأن هذا من باب ذكر بعض أفراد العموم، فلا تخصيص على المشهور المنصوص، والله أعلم.

وقوله: ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ﴾ أي: في إحلاله وتحريمه وفروضه وحدوده، فيما أمركم ونهاكم عنه، بينه ووضحه وفسره، ولم يتركه مجملًا في وقت احتياجكم إليه ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ أي: تفهمون وتتدبرون.

﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (٢٤٣) وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٤٤) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٤٥)﴾.

روي عن ابن عباس أنهم كانوا أربعة آلاف (٥). وعنه كانوا ثمانية آلاف.


(١) أخرجه الإمام مالك بسنده ومتنه (الموطأ، الطلاق، باب مقام المتوفى عنها زوجها .. ٢/ ٥٩١ ح ٨٧).
(٢) سنن أبي داود، الطلاق، باب في المتوفى عنها تنتقل (ح ٢٣٠٠)، وسنن الترمذي، الطلاق، باب ما جاء أين تعتد المتوفى عنها زوجها (ح ١٢٠٤)، وسنن النسائي، الطلاق، باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها (ح ٣٥٢٨)، وسنن ابن ماجه، الطلاق، باب أين تعتد المتوفى عنها زوجها؟ (ح ٢٠٣١)، وصححه الترمذي، والألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ١٦٥١).
(٣) أخرجه الطبري من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد به، وسنده معضل ضعيف.
(٤) تقدم هذا القول في الآية ٣٦، من هذه السورة.
(٥) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق ميسرة النهدي عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عنه.