للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو صالح: تسعة آلاف (١)، وعن ابن عباس: أربعون ألفًا.

وقال وهب بن منبه (٢) وأبو مالك: كانوا بضعة وثلاثين ألفًا (٣).

وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس، قال: كانوا أهل قرية يقال لها: داوردان (٤). وكذا قال السدي وأبو صالح وزاد: من قِبَل واسط.

وقال سعيد بن عبد العزيز: كانوا من أهل أذرعات (٥).

وقال ابن جريج، عن عطاء قال: هذا مثل (٦). وقال علي بن عاصم: كانوا من أهل داوردان قرية على فرسخ من قِبَل واسط.

وقال وكيع بن الجراح في تفسيره: حدثنا سفيان عن ميسرة بن حبيب النهدي، عن المنهال بن عمرو الأسدي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ﴾ قال: كانوا أربعة آلاف خرجوا فرارًا من الطاعون قالوا: نأتي أرضًا ليس بها موت حتى إذا كانوا بموضع كذا وكذا قال الله لهم: ﴿مُوتُوا﴾ فماتوا، فمر عليهم نبي من الأنبياء، فدعا ربه أن يحييهم فأحياهم، فذلك قوله ﷿: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ﴾ الآية (٧). وذكر غير واحد من السلف، أن هؤلاء القوم، كانوا أهل بلدة في زمان بني إسرائيل استوخموا أرضهم، وأصابهم بها وباء شديد، فخرجوا فرارًا من الموت، إلى البرية، فنزلوا واديًا أفيح، فملؤوا ما بين عدوتيه، فأرسل الله إليهم ملكين، أحدهما من أسفل الوادي، والآخر من أعلاه، فصاحا بهم صيحة واحدة، فماتوا عن آخرهم موتة رجل واحد، فحيزوا إلى حظائر، وبني عليهم جدران وقبور، وفنوا (٨) وتمزقوا وتفرقوا، فلما كان بعد دهر، مرّ بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل، يقال له: حزقيل، فسأل الله أن يحييهم على يديه، فأجابه إلى ذلك، وأمره أن يقول: أيتها العظام البالية، إن الله يأمرك أن تجتمعي، فاجتمع عظام كل جسد بعضها إلى بعض، ثم أمره فنادى: أيتها العظام إن الله يأمرك أن تكتسي لحمًا وعصبًا وجلدًا، فكان ذلك وهو يشاهده، ثم أمره فنادى: أيتها الأرواح، إن الله يأمرك أن ترجع كل روح إلى الجسد الذي كانت تعمره فقاموا أحياءً ينظرون قد أحياهم الله بعد رقدتهم الطويلة وهم يقولون: سبحانك لا إله إلا أنت (٩).

وكان في إحيائهم عبرة ودليل قاطع على وقوع المعاد الجسماني يوم القيامة، ولهذا قال:


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق إسماعيل بن أبي خالد عنه.
(٢) أخرج الطبري بسند حسن عن وهب بن منبه أنهم أربعة آلاف.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق السدي عن أبي مالك.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق النضر بن عبد الرحمن عن عكرمة عنه، والنضر متروك (ميزان الاعتدال ٤/ ٢٦٠، والتقريب ٢/ ٣٠٢)، وداوردان بين أنها قرية قريبة من واسط، وهي مدينة جنوب بغداد.
(٥) أذرعات: مدينة قرب عمان في الشام. وهذه الأقوال الثلاثة ذكرها ابن أبي حاتم بحذف السند.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق إبراهيم بن عبد الله الهروي عن ابن جريج به.
(٧) سنده حسن، وهذه الرواية من الإسرائيليات التاريخية المسكوت عنها في شريعتنا.
(٨) سقط لفظ: "وفنوا"، واستدرك من (عف) و (حم) و (ح).
(٩) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي، والخبر من الإسرائيليات وقد ساقها الحافظ ابن كثير للعبرة والموعظة، إذ صرح بذلك مرتين.