للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففهم من هذا الحديث أن ترتيب الآيات في السور أمر توقيفي متلقًى عن النبي .

وأما ترتيب السور، فمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله (١) عنه - ولهذا ليس لأحد أن يقرأ القرآن إلا مرتبًا آياته فإن نكسه أخطأ خطأً كبيرًا. وأما ترتيب السور فمستحب؛ اقتداءً بعثمان . والأولى إذا قرأ: أن يقرأ متواليًا، كما قرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين (٢)، وتارة (٣) بـ ﴿سَبِّحِ﴾ [الأعلى: ١] و ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١)[الغاشية] فإن فرق جاز، كما صح (٤) أن رسول الله قرأ في العيد بـ ﴿ق﴾ [ق: ١] و ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾ [القمر: ١] رواه مسلم، عن أبي (واقد) (٥).

وفي "الصحيحين" (٦) عن أبي هريرة أن رسول الله كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة ﴿الم (١)﴾ السجدة و ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ﴾ [الإنسان: ١] وإن قدم بعض السور على بعض جاز أيضًا، فقد روى حذيفة أن رسول الله قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران، أخرجه (٧) مسلم.

وقرأ عمر (٨) في الفجر بسورة النحل ثم بيوسف.

ثم إن عثمان ردَّ الصحف إلى حفصة فلم تزل عندها حتى أرسل إليها مروان بن الحكم يطلبها فلم تعطه حتى ماتت، فأخذها من عبد الله بن عمر فحرقها؛ لئلا يكون فيها شيء يخالف المصاحف الأئمة التي نفذها عثمان إلى الآفاق، مصحفًا إلى مكة، ومصحفًا إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين؛ وترك عند أهل المدينة مصحفًا.


(١) بل الصواب أن ترتيب السور توقيفي أيضًا، وللشيخ أبي الأشبال أحمد بن محمد شاكر بحث مانع قوي حول هذا الموضوع.
(٢) صحيح.
أخرجه مسلم (٨٧٩/ ٦٤) والسياق له.
(٣) صحيح.
أخرجه مسلم (٨٧٨/ ٦٢) واللفظ له.
(٤) صحيح.
أخرجه مسلم (٨٩١/ ١٤).
(٥) وقع في "الأصول" كلها: "عن أبي قتادة" وهو سبق قلم، صوابه: "أبو واقد".
(٦) صحيح.
أخرجه البخاري (٢/ ٣٧٧، ٥٥٢)؛ ومسلم (٨٨٠/ ٦٥، ٦٦) من حديث أبي هريرة.
(٧) صحيح.
أخرجه مسلم (٧٧٢/ ٢٠٣).
وعزاه المصنف في مطلع تفسير سورة البقرة لـ"الصحيحين" فوهم.
(٨) أخرجه البخاري (٧/ ٥٩ - ٦١)؛ وابن حبان (٦٩١٧) في قصة مقتل عمر ، عن عمرو بن ميمون قال: رأيت عمر بن الخطاب قبل أن يصاب بأيام بالمدينة … وساق الحديث وفيه: إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبد الله بن عباس غداة أصيب، وكان إذا مر بين الصفين، قال: استووا، حتى إذا لم ير فيهم خللًا تقدم فكبر، وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس … الحديث".
ولم أقف على ما ذكره المصنف أنه قرأ بالسورتين في ركعة وأنه قدم النحل على يوسف. فالله أعلم.
وأخرجه مسلم (٤٧٣/ ١٩٦)؛ وأحمد (٣/ ٢٤٧) من طريق حماد بن سلمة نا ثابت البناني عن أنس بسياق أطول.