للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنما هو التابوه، وقال الثلاثة القرشيون: إنما هو التابوت، (فترافعوا) (١) إلى عثمان فقال: اكتبوه بلغة قريش، فإن القرآن نزل بلغتهم. وكأن عثمان () (٢) -والله أعلم- رتب السور في المصحف، وقدم السبع الطوال، وثنى بالمئين.

ولهذا روى ابنُ جرير وأبو داود والترمذي والنسائي، من حديث غير واحد من الأئمة الكبار، عن عوف الأعرابي، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس (٣) قال: قلت لعثمان بن عفان: "ما حملكم" (٤) (على) (٥) أن عمدتم إلى الأنفال، وهي من المثاني، وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتموها في السبع الطوال، ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: كان رسول الله مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: "ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا".

وكانت الأنفال من أول ما (نزل) (٦) بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهةً بقصتها، وحسبت أنها منها، (فقبض) (٧) رسول الله ولم (يبين) (٨) لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما، ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم، فوضعتها في السبع الطوال.


= قال الحافظ في "الفتح" (٩/ ٢٠): "قال الخطيب: إنما رواها ابن شهاب مرسلة". اهـ.
وأخرجه البيهقي من طريق أبي الوليد، عن إبراهيم بن سعده عن الزهري قوله، وصنيعه يرجح الإرسال. والله أعلم.
(١) في (أ) و (ط): "فتراجعوا".
(٢) من (أ).
(٣) حديث منكر.
أخرجه أبو داود (٧٨٦، ٧٨٧)؛ والنسائي في "الفضائل" (٣٢)؛ والترمذي (٣٠٨٦)؛ وأحمد (١/ ٥٧، ٦٩)؛ وأبو عبيد في "الفضائل" (٤٧/ ٢)؛ وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" (٣/ ١٠١٥، ١٠١٦)؛ وابن حبان (٤٣)؛ وابن أبي داود في "المصاحف" (ص ٣١، ٣٢)؛ والحاكم (٢/ ٢٢١، ٢٣٠)؛ والبيهقي (٢/ ٤٢)؛ والخطيب في "الموضح" (١/ ٣٣٨) من طريق عوف الأعرابي، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس، فذكره.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن، لا نعرفه إلا من حديث عوف عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس، ويزيد الفارسي هو من التابعين من أهل البصرة، ويزيد بن أبان الرقاشي، هو من التابعين من أهل البصرة، وهو أصغر من يزيد الفارسي، ويزيد الرقاشي إنما يروى عن أنس بن مالك". اهـ.
قلت: فاختلف العلماء هل يزيد الفارسي هو يزيد بن هرمز، أم هما رجلان؟! فذهب ابن مهدي، وأحمد، وابن المديني، ومحمد بن المثنى، وابن سعد إلى أنهما واحد، وأنكر ذلك يحيى القطان، وابن معين، وأبو حاتم، والترمذي، وعمرو بن علي الفلاس، ومال إليه البخاري والخطيب، وإقامة البرهان على ذلك فيه طول ذكرته في "التسلية" والخلاصة أن يزيد الفارسي شبه المجهول، فتفرده بهذا الحديث الخطير لا يقبل منه، وتصحيح الحاكم ومن قبله ابن حبان مردود، وكذلك تجويد ابن كثير له فيما يأتي، ولعل مستندهم هو عدم التفريق بين الفارسي وابن هرمز، والله أعلم.
(٤) ساقط من (ط).
(٥) ساقط من (ج).
(٦) في (أ): "نزلت".
(٧) في (ج): "وقبض".
(٨) في (أ) و (ط): "تبين".