للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأرسلتها (١)، فجاء فقال له النبي : "ما فعل أسيرك"؟ قال: أخذتها، فقالت: إني لا أعود، فأرسلتها، فقال: إنها عائدة، فأخذتها مرتين أو ثلاثًا كل ذلك تقول: لا أعود، فيقول: "إنها عائدة"، فأخذتها (٢)، فقالت: أرسلني، وأعلمك شيئًا تقوله فلا يقربك شيء، آية الكرسي، فأتى النبي . فأخبره، فقال: "صدقت وهي كذوب" (٣). ورواه الترمذي في فضائل القرآن عن بندار، عن أبي أحمد الزبيري به، وقال حسن غريب (٤). [والغول في لغة العرب: الجانّ إذا تبدَى في الليل] (٥).

وقد ذكر البخاري هذه القصة عن أبي هريرة، فقال في كتاب فضائل القرآن، وفي كتاب الوكالة، وفي صفة إبليس من صحيحه، قال عثمان بن الهيثم - أبو عمرو -: حدثنا عوف عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: وكَّلني رسول الله بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت: لأرفعنكَ إلى رسول الله ، فقال: إني محتاج وعليّ عيال ولي حاجة شديدة، قال: فخليتُ عنه فأصبحت، فقال النبي : "يا أبا هريرة ما فعل أسيركَ البارحة؟ " قال: قلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة وعيالًا، فرحمته وخليت سبيله، قال: "أما إنه قد كذبك وسيعود" فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله : "إنه سيعود" فرصدته، فجاء يحثو الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنكَ إلى رسول الله قال: دعني فأنا محتاج وعليّ عيال، لا أعود. فرحمته وخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله : "يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟ " قلت: يا رسول الله، شكا حاجة وعيالًا، فرحمته وخليت سبيله. قال: "أما أنه قد كذبك وسيعود"، فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنكَ إلى رسول الله ، وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم أنك لا تعود ثم تعود، فقال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت: وما هي؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح. فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله : "ما فعل أسيرك البارحة؟ " قلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، فخليت سبيله. قال: "وما هي؟ " قال لي: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ وقال لي: لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح، وكانوا أحرص شيء على الخير، فقال النبي : "أما صدقكَ وهو كذوب، تعلم من تخاطب من ثلاث ليال يا أبا هريرة؟ "قلت: لا. قال: "ذاك شيطان". كذا رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم (٦)، وقد رواه


(١) في الأصل: "فأرسلها".
(٢) في الأصل: "فأخذها".
(٣) أخرجه الإمام أحمد سنده ومتنه (المسند ٥/ ٤٢٣)، وأخرجه الترمذي من طريق أبي أحمد الزبيري به (السنن، فضائل القرآن، باب ما جاء في فضل سورة البقرة وآية الكرسي ح ٢٨٨)، وما ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة تعليقًا وليس عن أبي أيوب (صحيح البخاري، كتاب الوكالة، باب إذا وكل رجل شيئًا فأجازه الموكل ح ٢٣١)، كما سيأتي في الحديث الآتي.
(٤) السنن، فضائل القرآن (ح. ٢٨٨).
(٥) ما بين معقوفين زيادة (عف) و (حم) و (مح) و (ح).
(٦) الصحيح، الوكالة (ح ٢٣١١)، وصله الإسماعيلي وأبو نعيم والنسائي من عدة طرق (انظر: تغليق التعليق ٣/ ٢٩٦، وفتح الباري ٤/ ٤٨٨).