للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النسائي في اليوم والليلة عن إبراهيم بن يعقوب، عن عثمان بن الهيثم، فذكره وقد روي من وجه آخر عن أبي هريرة بسياق آخر قريب من هذا، فقال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره: حدثنا محمد بن عبد الله بن عمرويه الصفار، حدثنا أحمد بن زهير بن حرب، أنبأنا مسلم بن إبراهيم، أنبأنا إسماعيل بن مسلم العبدي، أنبأنا أبو المتوكل الناجي، أن أبا هريرة كان معه مفتاح بيت الصدقة، وكان فيه تمر، فذهب يومًا ففتح الباب، فوجد التمر قد أخذ منه ملءَ كف، ودخل يومًا آخر فإذا قد أخذ منه ملءَ كف، ثم دخل يومًا آخر ثالثًا، فإذا قد أخذ منه مثلَ ذلك، فشكا ذلك أبو هريرة إلى النبي ، فقال له النبي : "تحب أن تأخذ صاحبك هذا؟ " قال: نعم. قال: فإذا فتحت الباب فقل: "سبحان من سخرك محمد". فذهب ففتح الباب فقال: "سبحان من سخرك محمد". فإذا هو قائم بين يديه، قال: يا عدو الله، أنت صاحب هذا؟ قال: نعم. دعني فإني لا أعود، ما كنت آخذًا إلا لأهل بيت من الجنِّ فقراء، فخلَّى عنه، ثم عاد الثانية، ثم الثالثة، فقلت: أليس قد عاهدتني ألا تعود؟ لا أدعك اليوم حتى أذهب بك إلى النبي ، قال: لا تفعل، فإنك إن تدعني علمتك كلمات إذا أنت قلتها، لم يقربك أحد من الجنِّ صغير ولا كبير، ذكر ولا أنثى، قال له: لتفعلن؟ قال: نعم. قال: ما هنّ؟ قال: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ قرأ آية الكرسي حتى ختمها، فتركه فذهب فأبعد، فذكر ذلك أبو هريرة للنبي ، فقال له رسول الله : "أما علمت أن ذلك كذلك" (١) وقد رواه النسائي عن أحمد بن محمد بن عبيد الله، عن شعيب بن حرب، عن إسماعيل بن مسلم، عن أبي المتوكل، عن أبي هريرة به (٢)، وقد تقدم لأُبي بن كعب كائنة مثل هذه أيضًا، فهذه ثلاث وقائع.

(قصة أخرى) قال أبو عبيد في كتاب الغريب: حدثنا أبو معاوية، عن أبي عاصم الثقفي، عن الشعبي، عن عبد الله بن مسعود قال: خرج رجل من الإناس، فلقيه رجل من الجنِّ فقال: هل لك أن تصارعني؟ فإن صرعتني علمتك آية إذا قرأتها حين تدخل بيتك لم يدخله شيطان، فصارعه فصرعه، فقال: إني أراك ضئيلًا شخيتا (٣)، كأن ذراعيك ذراعًا كلب، أفهكذا أنتم أيها الجن كلكم، أم أنتَ من بينهم؟ فقال: إني بينهم لضليع، فعاودني فصارعه فصرعه الأنسي فقال: تقرأ آية الكرسي فإنه لا يقرؤها أحد إذا دخل بيته إلا خرج الشيطان، وله خبخ كخبخ الحمار، فقيل لابن مسعود: أهو عمر؟ فقال من عسى أن يكون إلا عمر.

قال أبو عبيد: الضئيل: النحيف الجسم، والخبخ بالخاء المعجمة، ويقال بالحاء المهملة: الضراط (٤).

(حديث آخر) عن أبي هريرة. قال الحاكم أبو عبد الله في مستدركه: حدثنا علي بن حمشاذ، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا حكيم بن جبير الأسدي، عن أبي


(١) أخرجه ابن الضريس من طريق مسلم بن خالد بن إبراهيم به (فضائل القرآن ص ١٥٥ - ١٥٦)، وتشهد رواية البخاري السابقة.
(٢) السنن ٥/ ١٣ - ١٤.
(٣) في الأصل: "ثخينا".
(٤) أخرجه أبو عبيد بسنده ومتنه (غريب الحديث ٢/ ٦٣). وفيه الشعبي لم يسمع من ابن مسعود (المراسيل لابن أبي حاتم ص ١٦٠).