للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكلم بعض أهل العلم في عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي مُليكة المليكي، من قبل حفظه (١).

وقد ورد في فضلها أحاديث أخر، تركناها اختصارًا لعدم صحتها وضعف أسانيدها كحديث عليٍّ في قراءتها عند الحجامة، إنها تقوم مقام حجامتين. وحديث أبي هريرة في كتابتها في اليد اليسرى بالزعفران سبع مرات، وتُلحس للحفظ وعدم النسيان، أوردهما ابن مردويه، وغير ذلك.

وهذه الآية مشتملة على عشر جمل مستقلة.

فقوله: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ إخبار بأنه المتفرد بالإلهية لجميع الخلائق ﴿الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ أي: الحي في نفسه الذي لا يموت أبدًا، المقيم لغيره. وكان عمر يقرأ القيام (٢)، فجميع الموجودات مفتقرة إليه، وهو غني عنها، لا قوام لها بدون أمره، كقوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ﴾ [الروم: ٢٥] وقوله: ﴿لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ أي: لا يعتريه نقص ولا غفلة ولا ذهول عن خلقه، بل هو قائم على كل نفس بما كسبت، شهيد على كل شيء، لا يغيب عنه شيء، ولا يخفى عليه خافية، ومن تمام القيومية أنه لا يعتريه سنة ولا نوم، فقوله: ﴿لَا تَأْخُذُهُ﴾ أي: لا تغلبه سنة وهي الوسن والنعاس، ولهذا قال: ولا نوم لأنه أقوى من السنة.

وفي الصحيح عن أبي موسى، قال: قام فينا رسول الله بأربع كلمات، فقال: "إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل، وعمل الليل قبل عمر النهار، حجابه النور أو النار، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه" (٣).

وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، أخبرني الحكم بن أبان، عن عكرمة مولى ابن عباس في قوله: ﴿لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ أن موسى سأل الملائكة: هل ينام الله ﷿ فأوحى الله تعالى إلى الملائكة وأمرهم أن يؤرقوه ثلاثًا، فلا يتركوه ينام، ففعلوا، ثم أعطوه قارورتين فأمسكهما، ثم تركوه وحذروه أن يكسرهما، قال: فجعل ينعس وهما في يده، وفي كل يد واحدة، قال: فجعل ينعس وينبه، وينعس وينبه، حتى نعس نعسة، فضرب إحداهما بالأخرى فكسرهما، قال معمر: إنما هو مثل ضربه الله ﷿، يقول فكذلك السموات والأرض في يده، وهكذا رواه ابن جرير، عن الحسن بن يحيى، عن عبد الرزاق … فذكره (٤)، وهو من أخبار بني إسرائيل، وهو مما يعلم أن موسى لا يخفى عليه مثل هذا من أمر الله ﷿، وأنه منزه عنه، وأغرب من هذا كله الحديث الذي رواه ابن جرير: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل. حدثنا هشام بن يوسف، عن أُمية بن شبل، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله يحكي عن موسى على المنبر، قال: "وقع في نفس موسى: هل ينام الله؟ فأرسل إليه ملكًا فأرقه ثلاثًا، ثم أعطاه قارورتين في كل يد قارورة، وأمره أن يحتفظ بهما قال: فجعل ينام، وكادت يداه تلتقيان، فيستيقظ فيحبس إحداهما (٥)


(١) السنن، فضائل القرآن، باب ما جاء في فضل سورة البقرة وآية الكرسي (ح ٢٨٧٩).
(٢) هي قراءة شاذة ذكرها العكبري في الإملاء ١/ ٦٢، وأبو حيان في البحر المحيط ٢/ ٢٧٧.
(٣) صحيح مسلم، الإيمان، باب في قوله: "إن الله لا ينام" (ح ١٧٩).
(٤) أخرجه الطبري بسنده ولفظه. وفي سنده أُمية بن شبل له حديث منكر، وهو الحديث المذكور (ينظر: لسان الميزان ١/ ٤٦٧).
(٥) في الأصل: "أحديهما".