للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجلز قال: لولا أن عثمان كتب القرآن لألفيت الناس يقرؤون الشعر.

وحدثنا (١) أحمد بن سنان، سمعت ابن مهدي يقول: خصلتان لعثمان بن عفان ليستا لأبى بكر ولا لعمر: صبره نفسه حتى قتل مظلومًا. وجمعه الناس على المصحف.

وأما عبد الله بن مسعود فقد قال إسرائيل، عن أبي إسحاق عن حميد بن مالك قال: لما أمر عثمان بالمصاحف -يعني: بتحريقها- ساء ذلك عبد الله بن مسعود وقال: من استطاع منكم أن يغل مصحفًا فليغلل، فإنه من غل شيئًا جاء بما غل يوم القيامة، ثم قال عبد الله: لقد قرأت القرآن من فِي رسول الله سبعين سورة وزيد صبي، أفأترك ما أخذت من فِي رسول الله (٢)؟

وقال أبو بكر (٣): حدثنا (عبد الله بن محمد) (٤) بن النعمان، حدّثنا سعيد بن سليمان، حدّثنا (أبو) (٥) شهاب، عن الأعمش، عن أبي وائل قال: خطبنا ابن مسعود على المنبر فقال: ﴿وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران: ١٦١] غلوا مصاحفكم، وكيف تأمروني أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت وقد قرأت القرآن من فِي رسول الله بضعًا وسبعين سورة وإن زيد بن ثابت ليأتي مع الغلمان له ذؤابتان، والله ما نزل من القرآن شيء إلا وأنا أعلم في أي شيء نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله مني، وما أنا بخيركم، ولو أعلم مكانًا تبلغه الإبل أعلم بكتاب الله مني لأتيته. قال أبو وائل: فلما نزل عن المنبر جلست في الحلق، فما أحد ينكر ما قال.

أصل هذا مخرج في "الصحيحين" (٦)، وعندهما: "ولقد علم أصحاب محمد أني من أعلمهم بكتاب الله".

وقول أبي وائل: فما أحد ينكر ما قال؛ يعني: من فضله وحفظه وعلمه، والله أعلم، وأما أمره بغل المصاحف وكتمانها فقد أنكره عليه غير واحد.

قال الأعمش (٧)، عن إبراهيم، عن علقمة قال: قدمت الشام فلقيت أبا الدرداء فقال: كنا نعد


(١) ابن أبي داود (ص ١٣) وسنده صحيح.
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٣٨٩، ٤٠٥، ٤١٤)؛ والطيالسي (٤٠٥) ومن طريقه البخاري في "التاريخ الكبير" (٢/ ١/ ٢٤٧)؛ وابن أبي داود (ص ١٥)؛ والدارقطني في "المؤتلف" (ص ٦٧٢)؛ وأبو نعيم في "الحلية" (١/ ١٢٥)؛ والحاكم (٢/ ٢٢٨) وصححه؛ والطبراني في "الكبير" (ج ٩/ رقم ٨٤٣٤، ٨٤٣٥)؛ والهيثم بن كليب في "المسند" (ق ٩٩/ ١، ٢) من طرق عن أبي إسحاق، عن خمير بن مالك، عن ابن مسعود فذكره، وهذا سند رجاله ثقات، إلا خمير بن مالك فترجمه ابن أبي حاتم (١/ ٢/ ٣٩١) ولم يحك فيه شيئًا، وذكره ابن حبان في "الثقات" (٤/ ٢١٤) وقال ابن سعد: "له حديثان".
(٣) ابن أبي داود (ص ١٥، ١٦).
(٤) وقع في (أ): "محمد بن عبد بن محمد"! و"محمد" الأولى مقحمة.
(٥) في (أ) و (ط): "ابن" وهو خطأ.
(٦) أخرجه البخاري (٩/ ٤٦ - فتح)؛ ومسلم (٢٤٦٢/ ١١٤) من حديث عن ابن مسعود.
(٧) أخرجه ابن أبي داود (ص ١٨) قال: حدثنا عمي وحمدان بن علي قالا: حدثنا ابن الأصبهاني عن عبد السلام بن حرب، عن الأعمش بسنده سواء.
وهذا سند صحيح، وعم ابن أبي داود هو: "محمد بن الأشعث"، وابن الأصبهاني هو محمد بن سعيد بن سليمان.