للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الله (جبانًا) (١) فما باله يواثب الأمراء؟

وقال أبو بكر بن أبي داود (٢): باب رضى عبد الله بن مسعود بجمع عثمان المصاحف بعد ذلك:

حدثنا عبد الله بن سعيد ومحمد بن عثمان العجلي قالا: حدّثنا أبو أُسامة، حدثني زهير، حدثني الوليد بن قيس، عن عثمان بن حسان العامري، عن فلفلة الجعفي قال: فزعت فيمن فزع إلى عبد الله في المصاحف، فدخلنا عليه فقال رجل من القوم: إنا لم نأتك زائرين، ولكننا جئنا حين راعنا هذا الخبر، فقال: إن القرآن أنزل على نبيكم من سبعة أبوابٍ على سبعة أحرف - أو حروف - وإن الكتاب قبلكم كان ينزل - أو نزل - من باب واحد على حرف واحد.

وهذا (٣) الذي استدل به أبو بكر على رجوع ابن مسعود فيه نظر من جهة أنه لا يظهر من هذا اللفظ رجوع عما كان يذهب إليه، والله أعلم.


(١) كذا في "الأصول" كلها؛ من "الجبن" بالجيم والباء، ووقع في "كتاب المصاحف" "حنانًا" بالحاء المهملة والنون، فكأنه تصحيف، فإن لم يكن فتوجيهه ظاهر والله أعلم.
(٢) أخرجه أحمد في "العلل" (٣٧٢٥ - رواية عبد الله) وفي "المسند" (١/ ٤٤٥)؛ وابن أبي داود (ص ١٨)؛ وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" (٣/ ١٠٠٦)؛ والهيثم بن كليب في "مسنده" (٨٨١)؛ والطحاوي في "المشكل" (٤/ ١٨٢) من طريق زهير بن معاوية، حدثني الوليد بن قيس، عن عثمان بن حسان العامري، عن فلفلة الجعفي فذكره.
وخالفه سفيان الثوري، فرواه عن الوليد بن قيس، عن القاسم بن حسان، عن فلفلة، أخرجه النسائي في "الفضائل" (٩) من طريق أبي داود وأحمد في "العلل" (٣٧٢٣) عن إسحاق بن يوسف كلاهما، عن الثوري.
ونظر الدارقطني، كما في "العلل" (٥/ ٢٣٧)، في هذا الاختلاف، ورجح رواية الثوري، ويقصد الدارقطني أن شيخ الوليد بن قيس هو "القاسم" وذلك أنه قد وقع في اسمه اختلاف هل هو "عثمان بن حسان" أو "القاسم بن حسان". فقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (٣/ ١/ ١٤٨): "عثمان بن حسان العامري، ويقال: القاسم بن حسان، وبعثمان أشبه، روى عن فلفلة الجعفي، روى عنه أبو همام الوليد بن قيس. سمعت أبي يقول ذلك". اهـ.
وأخرج البخاري في "التاريخ الكبير" (٣/ ٢/ ٢١٩) هذا الحديث مختصرًا في ترجمة عثمان بن حسان العامري، وأشار إلى رواية سفيان، فالظاهر من صنيعهما أن الأصوب أنه "عثمان" لا "القاسم" وقد رواه أحمد في "العلل" (٣٧٢٤) قال: حدثنا أبو أسامة بحفظه، قال: أخبرني سفيان وزهير، عن الوليد بن قيس، عن القاسم بن حسان، عن فلفلة الجعفي … فذكره؛ فهذا يؤيد ما ذهب إليه الدارقطني، إلا أن يكون أبو أسامة وهم على زهير فيه والله أعلم، وسواء كان هذا أو ذاك فهو مجهول الحال. وفلفلة الجعفي ذكره ابن حبان في "الثقات" وروى عنه جمع من الثقات، وقال ابن سعد: "قليل الحديث". وقال الهيثمي في "المجمع" (٧/ ١٥٢، ١٥٣): "فيه عثمان بن حسان العامري، وقد ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه ولم يوثقه، وبقية رجاله ثقات"! وقال شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني رحمه الله تعالى في "الصحيحة" (٢/ ١٣٥): "وهذا إسناد جيد موصول، رجاله كلهم ثقات معروفون غير فلفلة هذا. . ." كذا! ولم يلتفت شيخنا، ، إلى الاختلاف على الوليد بن قيس في إسناده. وسواء كان شيخه القاسم أو عثمان فهل في أحدهما توثيق معتبر؟!
(٣) قلت: هذا الذي عقب به المصنف على استدلال ابن أبي داود له وجه قوي، فإن قيل: قول ابن مسعود هذا يدل على أنه رضي بحرف غيره، فهذا نقيض اعتراضه الأول؟! قيل: إنما أنكر أن يقرأ هو على =