للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو بكر (١) أيضًا: حدثني عمي، حدثنا أبو رجاء، أنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مصعب بن سعد قال: قام عثمان فخطب الناس فقال: (يا أيها) (٢) الناس (عهدكم) (٣) نبيكم منذ ثلاث عشرة وأنتم تمترون في القرآن وتقولون: قراءة أبي وقراءة عبد الله، يقول الرجل: والله ما تقيم قراءتك، وأعزم على كل رجل منكم ما كان معه من كتاب الله شيء لما جاء به، فكان الرجل يجيء بالورقة والأديم فيه القرآن، حتى تجمع من ذلك كثرة، ثم دخل عثمان فدعاهم رجلًا رجلًا فناشدهم: لسمعتَ رسول الله وهو أملاه عليك؟ فيقول: نعم، فلما فرغ من ذلك عثمان قال: من أكتب الناس؟ قال: كاتب رسول الله زيد بن ثابت، قال: فأي الناس أعرب؟ قالوا: سعيد بن العاص؛ قال عثمان: فليمل سعيد وليكتب زيد. فكتب زيد مصاحف ففرقها في الناس، فسمعت بعض أصحاب رسول الله يقولون: قد أحسن.

إسناد صحيح.

وقال أيضًا (٤): حدّثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد، ثنا أبو بكر (حدّثنا) (٥) هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن كثير بن أفلح قال: لما أراد عثمان أن يكتب المصاحف جمع له اثنى عشر رجلًا من قريش والأنصار فيهم أُبي بن كعب وزيد بن ثابت، قال: فبعثوا إلى الربعة التي في بيت عمر فجيء بها، قال: وكان عثمان يتعاهدهم، فكانوا إذا تدارءوا في شيء أخروه، قال محمد: فقلت لكثير وكان فيهم فيمن يكتب: هل تدرون لم كانوا يؤخرونه؟ قال: لا، قال محمد: فظننت ظنًا إنما كانوا يؤخرونها لينظروا أحدثهم عهدًا بالعرضة الأخيرة فيكتبونها على قوله.

صحيح أيضًا.

(قلت): الربعة هي الكتب المجتمعة، وكانت عند حفصة ؛ فلما جمعها عثمان في المصحف ردها إليها ولم يحرقها في جملة ما حرقه مما سواها؛ لأنها هي بعينها (التي) (٦) كتبه وإنما رتبه، ثم إنه كان قد عاهدها على أن يردها إليها، فما زالت عندها حتى ماتت؛ ثم أخذها مروان بن الحكم فحرقها وتأول في ذلك ما تأول عثمان.


= حرف زيد بن ثابت ولم ينكر على غيره أن يقرأ، لذلك فهذا الأثر غير صريح في الرجوع، وأقصى ما فيه الإيماء إلى ذلك وكأن ابن مسعود أراد تسكين الفتنة، كما فعل في زمان الحج مع عثمان لما أتم الصلاة في منى. وقال: "الخلاف شر". فرضي الله عنهم أجمعين.
(١) أخرجه ابن أبي داود (ص ٢٣، ٢٤) وصحح المصنف سنده وفيه شيء؛ لأن سماع إسرائيل من جده كان بأخرة، نعم؛ كان الذهبي وغيره يرجح إسرائيل في جده على سفيان وشعبة، ويصفه بأنه "عكاز جده". وقد توبع إسرائيل، فتابعه غيلان بن جامع، عن أبي إسحاق، عن مصعب بن سعد فذكر نحوه أخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص ٢٤) من طريق يحيى بن يعلى بن الحارث، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا غيلان به. وهذا سند رجاله ثقات.
(٢) في (أ) و (ط): "أيها".
(٣) في (أ): "عهد".
(٤) أخرجه ابن أبي داود (ص ٢٥، ٢٦) وصححه المصنف وفي إسناده أبو بكر بن عياش، وهو ثقة إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابه صحيح. فالله أعلم.
(٥) في (أ): "ابن" وهو خطأ.
(٦) في (أ): "الذي".