للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ (١).

وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا أبي، حدثنا عبد الله بن صالح كاتب الليث، حدثني محمد بن أبي سلمة، حدثني ابن المنكدر أنه قال: التقى عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص، فقال ابن عباس لابن عمرو بن العاص: أي آية في القرآن أرجى عندك؟ فقال عبد الله بن عمرو: قول الله ﷿: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا … ﴾ الآية [الزمر: ٥٣]، فقال ابن عباس: لكن أنا أقول: قول الله ﷿: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى﴾ فرضي من إبراهيم قوله: ﴿بَلَى﴾، قال: فهذا لما يعترض في النفوس ويوسوس به الشيطان (٢). وهكذا رواه الحاكم في المستدرك عن أبي عبد الله محمد بن يعقوب بن الأحزم، عن إبراهيم بن عبد الله السعدي، عن بشر بن عمر الزهراني، عن عبد العزيز بن أبي سلمة بإسناده مثله، ثم قال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه (٣).

﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦١)﴾.

هذا مثل ضربه الله تعالى لتضعيف الثواب لمن أنفق في سبيله وابتغاء مرضاته، وأن الحسنة تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، فقال: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾.

قال سعيد بن جبير: يعني في طاعة الله (٤).

وقال مكحول: يعني به الإنفاق في الجهاد من رباط الخيل وإعداد السلاح وغير ذلك (٥). وقال شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس: الجهاد والحج يضعف الدرهم فيهما إلى سبعمائة ضعف (٦).

ولهذا قال تعالى: ﴿كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ﴾ وهذا المثل أبلغ في النفوس من ذكر عدد السبعمائة، فإن هذا فيه إشارة إلى أن الأعمال الصالحة ينمِّيها الله ﷿ لأصحابها، كما ينفي الزرع لمن بذره في الأرض الطيبة، وقد وردت السّنّة بتضعيف الحسنة إلى سبعمائة ضعف.

قال الإمام أحمد: حدثنا زياد بن الربيع أبو خداش، حدثنا واصل مولى ابن عيينة، عن بشار بن أبي سيف الجرمي، عن عياض بن غطيف، قال: دخلنا على أبي عبيدة نعوده من شكوى أصابته، وامرأته تُحيفَة قاعدة عند رأسه، قلنا: كيف بات أبو عبيدة؟ قالت: والله لقد


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفي سنده رجل مبهم، ويتقوى بالرواية التالية.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده حسن.
(٣) المستدرك ٢/ ٦٠، وصححه وقال الذهبي: فيه انقطاع.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق عطاء بن دينار عنه.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق صبيح مولى بني مروان عنه.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق شبيب به.