للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد يفهمه من لا علم عنده بلا خلاف، وقد أُجيب عن هذا الحديث بأجوبة أحدها (١).

وقوله: ﴿فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ﴾ اختلف المفسرون في هذه الأربعة ما هي، وإن كان لا طائل تحت تعيينها، إذ لو كان في ذلك مهم لنصَّ عليه القرآن، فروي عن ابن عباس، أنه قال: هي الغرنوق والطاوس والديك والحمامة، وعنه أيضًا أنه أخذ وزًا ورألًا وهو فرخ النعام، وديكًا وطاوسًا (٢). وقال مجاهد وعكرمة: كانت حمامة وديكًا وطاوسًا وغرابًا (٣).

وقوله: ﴿فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ﴾ أي: قطعهن، قاله ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير وأبو مالك وأبو الأسود الديلي ووهب بن منبه والحسن والسدي وغيرهم (٤).

وقال العوفي، عن ابن عباس: ﴿فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ﴾ أوثقهن (٥)، فلما أوثقهن ذبحهن، ثم جعل على كل جبل منهن جزءًا، فذكروا أنه عمد إلى أربعة من الطير، فذبحهن ثم قطعهن ونتف ريشهن ومزقهن وخلط بعضهن ببعض، ثم جزأهن أجزاء، وجعل على كل جبل منهن جزءًا، قيل: أربعة أجبل، وقيل: سبعة، قال ابن عباس: وأخذ رؤوسهن بيده ثم أمره الله ﷿ أن يدعوهنَّ، فدعاهنَّ كما أمره الله ﷿، فجعل ينظر إلى الريش يطير إلى الريش، والدم إلى الدم، واللَّحم إلى اللَّحم، والأجزاء من كل طائر، يتصل بعضها إلى بعض، حتى قام كل طائر على حدته، وأتينه يمشين سعيًا ليكون أبلغ له في الرؤية التي سألها، وجعل كل طائر يجيء ليأخذ رأسه الذي في يد إبراهيم ، فإذا قدم له غير رأسه يأباه، فإذا قدم إليه رأسه تركب مع بقية جسده بحول الله وقوته، ولهذا قال: ﴿وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ أي: عزيز لا يغلبه شيء، ولا يمتنع من شيء، وما شاء كان بلا ممانع، لأنه العظيم القاهر لكل شيء، حكيم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره.

قال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن أيوب في قوله: ﴿وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ قال: قال ابن عباس: ما في القرآن آية أرجى عندي منها (٦).

وقال ابن جرير: حدثني محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، سمعت زيد بن علي يحدث، عن رجل، عن سعيد بن المسيب قال: اتعد عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص أن يجتمعا قال: ونحن شيبة. فقال أحدهما لصاحبه: أي آية في كتاب الله أرجى عندك لهذه الأُمة؟ فقال عبد الله بن عمرو: قول الله تعالى: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا … ﴾ الآية [الزمر: ٥٣]، فقال ابن عباس: أما إن كنتَ تقول هذا، فأنا أقول: أرجى منها لهذه الأُمة، قول إبراهيم: ﴿رَبِّ أَرِنِي


(١) بعد هذه الفقرة بياض في جميع النسخ.
(٢) الرواية الأولى لم تثبت عن ابن عباس، أخرجها ابن أبي حاتم من طريق فيه بشر بن عمارة وهو ضعيف، والضحاك لم يلق ابن عباس.
وأما الرواية الثانية فأخرجها ابن أبي حاتم بسند حسن عن ابن عباس.
(٣) قول مجاهد أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه.
(٤) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٥) أخرجه الطبري بسند ضعيف.
(٦) في سنده أيوب السختياني لم يسمع من ابن عباس.