للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: "خمسون درهمًا أو حسابها من الذهب" (١). وقد رواه أهل السنن الأربعة من حديث حكيم بن جبير الأسدي الكوفي، وقد تركه شعبة بن الحجاج، وضعفه غير واحد من الأئمة من جراء (٢) هذا الحديث.

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا أبو حصين (٣) عبد الله بن أحمد بن يونس، حدثني أبي، حدثنا أبو بكر بن عياش عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، قال: بلغ الحارث رجلًا كان بالشام من قريش، أن أبا ذرٍّ كان به عَوَز فبعث إليه ثلاثمائة دينار، فقال: ما وجد عبدًا لله أهون عليه مني، سمعت رسول الله يقول: "من سأل وله أربعون فقد ألحف" ولآل أبي ذرٍّ أربعون درهمًا وأربعون شاة وماهنان، قال أبو بكر بن عياش: يعني: خادمين (٤).

وقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، أخبرنا إبراهيم بن محمد، أنبأنا عبد الجبار، أخبرنا سفيان، عن داود بن شابور، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي ، قال: "من سأل وله أربعون درهمًا فهو مُلِحف وهو مثل سفّ الملة" يعني: الرمل، ورواه النسائي عن أحمد بن سليمان، عن أحمد بن آدم، عن سفيان وهو: ابن عيينة بإسناده نحوه (٥).

قوله: ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ أي: لا يخفى عليه شيء منه وسيجزي عليه أوفر الجزاء وأتمه يوم القيامة أحوج ما يكون إليه.

وقوله: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٤)﴾ هذا مدح منه تعالى للمنفقين في سبيله وابتغاء مرضاته في جميع الأوقات من ليل ونهار، والأحول من سر وجهر، حتى أن النفقة على الأهل تدخل في ذلك أيضًا، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله قال لسعد بن أبي وقاص حين عاده مريضًا عام الفتح، وفي رواية: عام حجة الوداع: "وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا ازددت بها درجة ورفعة حتى ما تجعل في فيّ امرأتك" (٦).

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر وبهز، قال: حدثنا شعبة، عن عدي بن ثابت،


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١/ ٣٨٨)، وحكم عليه الحافظ ابن كثير بالضعف، وقد أخرجه الترمذي وحسنه (السنن، الزكاة، باب ما جاء من تحل له الزكاة ح ٦٥٠)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير ٥/ ٢٩٨، والأرناؤوط في جامع الأصول ١٠/ ١٥١.
(٢) في الأصل: "جرى" وهو تصحيف.
(٣) في الأصل: "أبو حصن" والتصويب من (عف) و (ح) والتخريج.
(٤) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه (المعجم الكبير ٢/ ١٥٠)، وفي سنده أبو بكر بن عياش الكوفي: وهو ثقة إلا إنه لما كبر ساء حفظه (التقريب ص ٦٢٤).
(٥) سنن النسائي، الزكاة، باب الإلحاف في المسألة ٥/ ٩٧، وقال الألباني: حسن صحيح (صحيح سنن النسائي ح ٢٤٣١).
(٦) صحيح البخاري، الإيمان (ح ٥٦)، وصحيح مسلم، الوصية (ح ١٦٢٨).