للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الربيع بن أنس: أوعد الله آكل الربا بالقتل. رواه ابن جرير (١).

وقال السهيلي: ولهذا قالت عائشة لأُم محبة مولاة زيد بن أرقم في مسألة العينة: أخبريه أن جهاده مع النبي قد بطل إلا أن يتوب، فخصَّت الجهاد لأنه ضد قوله: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ قال: وهذا المعنى ذكره ابن بطال (٢)، قال: ولكن هذا إسناده إلى عائشة ضعيف.

ثم قال تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ أي: بأخذ الزيادة ﴿وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ أي: بوضع رؤوس الأموال أيضًا، بل لكم ما بذلتم من غير زيادة عليه ولا نقص منه.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن الحسين بن أشكاب، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن شيبان، عن شبيب بن غرقدة البارقي، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص، عن أبيه، قال: خطب رسول الله في حجة الوداع، فقال: "ألا إن كل ربًا كان في الجاهلية موضوع عنكم كله، لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون، وأول ربا موضوع ربا العباس بن عبد المطلب، موضوع كله" وكذا وجدته: سليمان بن الأحوص (٣).

وقال ابن مردويه: حدثنا الشافعي، حدثنا معاذ بن المثنى، أخبرنا مسدد، أخبرنا أبو الأحوص، حدثنا شبيب بن غرقدة، عن سليمان بن عمرو، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله يقول: "ألا إن كلّ ربا من ربا الجاهلية موضوع، فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون" وكذا رواه من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي حرة الرقاشي، عن عمر وهو: ابن خارجة … فذكره (٤).

وقوله: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٨٠)﴾ يأمر تعالى بالصبر على المعسر الذي لا يجد وفاء، فقال: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ لا كما كان أهل الجاهلية يقول أحدهم لمدينه إذا حلَّ عليه الدين: إما أن تقضي وإما أن تربي، ثم يندب إلى الوضع عنه، ويعد على ذلك الخير والثواب الجزيل، فقال: ﴿وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أي: وأن تتركوا رأس المال بالكلية وتضعوه عن المدين، وقد وردت الأحاديث من طرق متعددة عن النبي بذلك.

(فالحديث الأول) عن أبي أُمامة أسعد بن زرارة. قال الطبراني (٥): حدثنا عبد الله بن محمد بن شعيب الرجاني، حدثنا يحيى بن حكيم المقوم، حدثنا محمد بن بكر البرساني، حدثنا عبد الله بن


(١) أخرجه الطبري من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع.
(٢) في الأصل: "كثير" والتصويب من (ح) و (م).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وفيه سليمان بن عمرو بن الأحوص: مقبول كما في التقريب، ولبعضه شاهد في صحيح مسلم من حديث جابر: في كتاب الحج، باب حجة النبي (ح ١٢١٨).
(٤) الطريق الأول أخرجه أبو داود (السنن، البيوع، باب في وضع الربا ح ٣٣٣٤)، والترمذي (السنن، التفسير، سورة التوبة ح ٣٥٨٧)، وقال: حسن صحيح، وصححه ابن عبد البر (الاستيعاب في حاشية الإصابة ٢/ ٥١٦)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٢٨٥٢)، أما الطريق الثاني ففيه علي بن زيد بن جدعان: ضعيف كما في التقريب.
(٥) في الأصل: "الطبري" وهو تصحيف والتصويب من التخريج.