للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليسر بُردة ومعافري (١)، وعلى غلامة بُردة ومعافري، فقال له أبي: يا عمِّ، إني أرى في وجهك سفعة (٢) من غضب، قال: أجل كان لي على فلان بن فلان - الحرامي - مال، فأتيت أهله، فسلمت فقلت: أثم هو؟ قالوا: لا، فخرج عليّ ابن له جفر (٣)، فقلت: أين أبوك؟ فقال: سمع صوتك فدخل أريكة أُمي، فقلت: اخرج إليَّ، فقد علمت أين أنت، فخرج، فقلت: ما حملك على أن اختبأت مني؟ قال: أنا والله أحدثك ثم لا أكذبك، خشيت والله أن أحدثك فأكذبك أو أعدك فأخلفك، وكنت صاحب رسول الله، وكنت والله معسرًا. قال: قلت: آلله؟ قال: الله، ثم قال: فأتى بصحيفته فمحاها بيده، ثم قال: فإن وجدت قضاء فاقضني وإلا فأنت في حل، فأشهد بصر عيناي هاتان - ووضع أصبعيه على عينيه - وسمع أذناي هاتان، ووعاه قلبي - وأشار إلى نياط قلبه -، رسول الله وهو يقول: "من أنظر معسرًا أو وضع عنه، أظله الله في ظله … ". وذكر تمام الحديث (٤).

(حديث آخر) عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان، قال عبد الله بن الإمام أحمد: حدثني أبو يحيى البزاز محمد بن عبد الرحمن، حدثنا الحسن بن أسد بن سالم الكوفي، حدثنا العباس بن الفضل الأنصاري، عن هشام بن زياد القرشي، عن أبيه، عن محجن مولى عثمان، عن عثمان، قال: سمعت رسول الله يقول: "أظل الله عينًا في ظله يوم لا ظل إلا ظله، من أنظر معسرًا، أو ترك لغارم" (٥).

(حديث آخر) عن ابن عباس، قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا نوح بن جعونة السلمي الخراساني، عن مقاتل بن حيان، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: خرج رسول الله إلى المسجد وهو يقول بيده هكذا، وأومأ عبد الرحمن بيده إلى الأرض: "من أنظر معسرًا أو وضع عنه، وقاه الله من فيح جهنم ألا إن عمل الجنة حزن بربوة - ثلاثًا - ألا إن عمل النار سهل بسهوة، والسعيد من وقي الفتن، وما من جرعة أحب إلى الله من جرعة غيظ يكظمها عبد، ما كظمها عبد لله إلا ملأ الله جوفه إيمانًا" (٦) تفرد به أحمد.

(طريق آخر) قال الطبراني: حدثنا أحمد بن محمد البوراني قاضي الحديبية من ديار ربيعة، حدثنا الحسن بن علي الصدائي، حدثنا الحكم بن الجارود، حدثنا ابن أبي المتئد خال ابن عيينة، عن أبيه، عن عطاء، عن ابن عباس قال رسول الله : "من أنظر معسرًا إلى ميسرته أنظره الله بذنبه إلى توبته" (٧).

ثم قال تعالى يعظ عباده، ويذكرهم زوال الدنيا، وفناء ما فيها من الأموال وغيرها، وإتيان الآخرة، والرجوع إليه تعالى، ومحاسبته تعالى خلقه على ما عملوا، ومجازاته إياهم بما كسبوا من خير وشر، ويحذرهم عقوبته، فقال: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ


(١) البردة: كسا مخطط، ومعافري نوع من الثياب.
(٢) السفعة: العلامة.
(٣) الجفر: هو الذي قارب البلوغ كما في حاشية صحيح مسلم.
(٤) وهو حديث طويل (صحيح مسلم، الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل ح ٣٠٠٦).
(٥) أخرجه عبد الله ابن الإمام أحمد في المسند بلفظه ومتنه، وذكر المحققون أن إسناده ضعيف جدًّا بسبب العباس بن الفضل الأنصاري الواقفي (المسند ١/ ٥٤٨ ح ٥٣٢).
(٦) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وضعفه أحمد شاكر بسبب نوح بن جعونة (المسند ح ٣٠١٧).
(٧) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه (المعجم الكبير ١١/ ١٥١)، وفي سنده الحكم بن الجارود ضعفه الأزدي، وقال أبو حاتم: مجهول (لسان الميزان ٢/ ٣٣٢).