للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - ومن فوائد الآية الكريمة: أن الاستهزاء بالرسل كفر موجب للعقوبة؛ لأن السياق في قوم كذبوا الرسول فأهلكوا جميعًا ثم قيل: {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٣٠)} فدل هذا على أن الاستهزاء بالأنبياء أو بالرسل كفر، ويدل لهذا قوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (١) فالاستهزاء بالكتب كفر، لقوله: {وآياته} والاستهزاء بشرع من الشريعة ولو بشعيرة واحدة كفر؛ لأن الاستهزاء بالشعيرة الواحدة استهزاء بكل الشريعة، كما أن الكفر بالشعيرة الواحدة كفر بجميع الشريعة، قال تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} (٢) وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (١٥١)} (٣)، فمن آمن بالرسالة ولكن كفر بشعيرة واحدة منها، فقد كفر كفرًا تامًّا بالجميع، ومن استهزأ بشيء من شرائع الرسل ولو بشيء ليس بواجب، حتَّى بالشيء المندوب لو استهزأ فقد كفر؛ لأنه لا يمكن الإيمان ببعض دون بعض، بل من كره ما أنزل الله فقد كفر، والدليل {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٩)} (٤) ولا تحبط الأعمال إلَّا بالكفر،


(١) سورة التوبة، الآيتان: ٦٥، ٦٦.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٨٥.
(٣) سورة النساء، الآيتان: ١٥٠، ١٥١.
(٤) سورة محمد، الآية: ٩.

<<  <   >  >>