للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتعالى: {مِنَ الْقُرُونِ} {مِنَ} هذه لبيان الإبهام الواقع في كم و {الْقُرُونِ} جمع قرن، وهم الأمة المشتركة في عصر من العصور، والعصر مئة سنة، وعلى هذا يكون القرن مئة سنة، ولكن قد يكوق دون ذلك، فقد تكون أمة تبقى أقل من القرن، يهلكها الله عَزَّ وَجَلَّ قبل أن يتم لها هذا العدد من السنين، لكن الضابط أن نقول: القرن هم الأمة التي اشتركت في عصر {أَنَّهُمْ} قال المؤلف - رحمه الله -: [أي المهلكين {إِلَيْهِمْ} أي إلى المكذبين، وفي نسخة [{إِلَيْهِمْ} أي إلى المكيين] لأن الخطاب لأهل مكة، فالمكذبون هم المكيون، والقول بأن {إِلَيْهِمْ} أي المكذبين أعم، فهؤلاء الأمم التي أهلكت هل رجعت إلى الأمم التي بعدها؟ لا، بل ذهبت وزالت وكأنها لم توجد ولم يبق إلَّا عملها.

{لَا يَرْجِعُونَ (٣١)} قال المؤلف: [أفلا يعتبرون بهم، وأنهم ... - إلى آخره - بدل مما قبله برعاية المعنى المذكور] الذي قبله قوله: {كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ} كأنه قال: "ألم يروا أنهم لا يرجعون"، فهي بدل مما قبلها من حيث المعنى، أي: لا من حيث الإعراب؛ لأنها جملة مستقلة، وليست تابعة لها في الإعراب، ولكنها تابعة لها في المعنى.

والخلاصة: أن الله بين في هذه الآية بيانًا يقرر به هؤلاء المكذبين بأنه أهلك كثيرًا من الأمم السابقة، وأن هؤلاء المهلكين لا يرجعون إلى هؤلاء المكذبين، لأنهم انتهوا من الدنيا ولم يبق لهم الوجوع إليها حتَّى يستعتبوا، فالواجب على هؤلاء المكذبين أن يعتبروا بهم.

<<  <   >  >>