للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ} والنصوص الدالة على إثبات حكمة الله عَزَّ وَجَلَّ كثيرة جدًّا منها ما صرح الله تعالى به مثل قوله: {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (٥)} (١) ومنها ما صرع الله به على وجه السلب والنفي {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (٢٧)} (٢). {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (٣٨)} (٣). ولا أدل على الصفة من إثباتها ونفي ضدها، فإن إثباتها يدل على الثبوت، ونفي ضدها يدل على كمالها، وأنها غير مشوبة بهذا النقص الذي يحصل بفقدها، أو بفقد كمالها، ولا شك أننا إذا نفينا الحكمة عن فعل الله عَزَّ وَجَلَّ، أو عن شرع الله، لزم من ذلك النقص العظيم، وأن يكون الله عَزَّ وَجَلَّ يفعل الشيء سفهًا وعبثًا تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.

١٢ - ومن فوائد الآيات الكريمة: بيان ما أنعم الله به على العباد من هذا الثمر الذي يؤكل، أرأيت لو أن هذا الثمر صار مرًّا هل ينتفع به؟ ! ولهذا قال الله عَزَّ وَجَلَّ في الماء: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} (٤) فلم تستطيعوا شربه، هذا الثمر جعله الله شهيًّا للنفوس، تأكل منه، وتتغذى به الأبدان، ولهذا قال: {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ} شاء الله عَزَّ وَجَلَّ لجعل هذا الثمر فاسدًا، فقد يكون


(١) سورة القمر، الآية: ٥.
(٢) سورة ص، الآية: ٢٧.
(٣) سورة الدخان، الآية: ٣٨.
(٤) سورة الواقعة، الآيات: ٦٨ - ٧٥.

<<  <   >  >>