للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا} ولم يقل (الحمد لله الذي خلق الأزواج) بل قال: {سُبْحَانَ} لأن كون كل شيء يحتاج إلى ازدواجية يدل على كمال الواحد المتفرد، الذي لا يماثله شيء من مخلوقاته، فبنو آدم لابد من ازدواجية ذكر وأنثى، وحتى المعاني التي فيه والأوصاف فيه تجد أنَّها مزدوجة، فيه غضب ورضى، وكراهة ومحبة، وقوة وضعف، إلى غير ذلك، لكن الخالق عَزَّ وَجَلَّ واحد منفرد، لا يماثله شيء من مخلوقاته لا في ذاته ولا في صفاته.

الفوائد:

١ - من فوائد الآية الكريمة: تنزيه الله تعالى نفسه عن كل نقص وعيب، لقوله: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا}.

٢ - ومن فوائدها: التنبيه على وحدانيته عَزَّ وَجَلَّ، ومخالفته للمخلوقات لقوله: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا} فلم يقل: (سبحان الله) بل قال: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ} والجمع بين ما يثبت للعباد وما ينزه الله عنه قد ورد في غير موضع من القرآن، منها قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٢٧)} (١) فلما ذكر حال الخلائق ذكر حال الخالق؛ لأنه عَزَّ وَجَلَّ يبقى مع فناء غيره، كذلك هنا المخلوق كله مزدوج لابد فيه من زوجين {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} (٢) أما الرب عَزَّ وَجَلَّ فإنه واحد، ولهذا قال:


(١) سورة الرحمن، الآيتان: ٢٦، ٢٧.
(٢) سورة الذاريات، الآية: ٤٩.

<<  <   >  >>