للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مصلحتنا، فهو من الآيات الدالة على قدرة الله عز وجل، وعلى رحمته، وقوله: {أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ} [يس: ٤١] هذه الجملة في تأويل مصدر هي المبتدأ يعني (وآية لهم حملنا ذريتهم) قال المؤلف: {ذُرِّيَّتَهُمْ} [أي: آباءهم الأصول]، فجعل المراد بالذرية هنا الأصول، يعني الآباء، مع أن المعروف في اللغة العربية، أن الذرية هم الفروع وليسوا الآباء، كما قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} (١) والمؤلف -رحمه الله- ومن ذهب مذهبه في تفسير الآية يقول: إن الذرية لفظ مشترك بين الأصول والفروع؛ لأنها مأخوذة من ذرا، والذر كائن للأصول والفروع، ثم يقولون أيضًا: إن سياق الآية يدل على ذلك {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ} لأن ذريتهم الصغار الموجودون معهم إذا حملوا هم، فسيحملون معهم في الفلك، وإن كان المراد بالذرية من يأتي فيما بعد، فكيف يكون ذلك آية وهي غير مشهودة لهم؟ إذن يتعين أن يكون المراد بالذرية الأصول، لأن الصغار المشهودون حملهم حمل لآبائهم؛ لأن الغالب أنهم لا يحملون إلا مع آبائهم، والصغار غير المشهودين، الذين يأتون فيما بعد، لا يكونون آية لمن لم يشاهدها، فتعين أن يكون المراد بالذرية الآباء.

وهذا الذي ذهب إليه المؤلف -رحمه الله تعالى- يوافق ظاهر الآية، لكنه يخالف ما كان معهودًا في اللغة العربية من أن الذرية هم الفروع، ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن المراد


(١) سورة الحديد، الآية: ٢٦.

<<  <   >  >>