للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالضمير هنا الجنس لا العين، والمعنى {ذُرِّيَّتَهُمْ} أي: ذرية جنسهم، كنوح عليه الصلاة والسلام، من جنسنا آدمي بشر، فحمل الله ذريته في الفلك المشحون، قالوا: وهذا لا يمتنع في اللغة العربية، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣)} (١) {جَعَلْنَاهُ} أي: جنس الإنسان وليس عينه؛ لأن الذي جعل نطفة ليس آدم الذي خلق من سلالة من طين، ولا يمكن أن يكون نطفة في قرار مكين، بل غيره بلا شك، فالضمير عاد إلى آدم باعتبار الجنس، فليعد الضمير في قوله: {ذُرِّيَّتَهُمْ} إلى الموجودين باعتبار الجنس، فمن هو الجنس؟ قالوا: هو نوح؛ لأنه بشر وآدمي، وذريته هي المحمولة، فيكون المعنى: أن خلقنا ذريتهم، أي: ذرية جنسهم، وهو نوح عليه الصلاة والسلام حملت ذريته في الفلك المشحون، وخلق لهم من مثله ما يركبون، وهذا قريب جدًّا ولا يخالف ظاهر الآية، ويشير إلى أن هذه السفينة جعلت آية لمن بعد نوح عليه الصلاة والسلام يعتبرون بها ويصنعون مثلها قوله تعالى في سورة القمر: {وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥)} (٢). فالمراد بالذرية هنا ذرية نوح عليه الصلاة والسلام، وأضيفت إلى هؤلاء باعتبار الجنس يعني (حملنا الذرية من جنسهم في الفلك المشحون).

وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس ولا يأباه السياق.

{فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١)} أي: سفينة نوح فـ (ال) هنا للعهد


(١) سورة المؤمنون، الآيتان: ١٢، ١٣.
(٢) سورة القمر، الآية: ١٥.

<<  <   >  >>