للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (١٠٦)} (١) فإنه ينزل شيئًا فشيئًا، ويعبر أحيانًا عن القرآن بأنه أنزل باعتبار نهايته، فإنه باعتبار النهاية يكون نزل كله، وباعتبار التدريِج في تنزيله يكون منزلًا، وهكذا في القران نزول المطر، أحيانا يقول: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا} (٢) وأحيانًا يقول: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ} (٣) فباعتبار أن المطر ينزل شيئًا فشيئًا يقال: "نزلنا" وباعتبار النهاية واجتماعه كله يقال: "أنزلنا" وقوله: {الْعَزِيزُ} قال المؤلف: [في ملكه] يعني الغالب في ملكه الذي لا يغلب فيه، وقد مر علينا في باب العقيدة أن العزيز من أسماء الله، وأن العزة لها ثلاثة معانٍ: عزة القدر، وعزة القهر، وعزة الامتناع.

فعزة القدر بمعنى أنه ذو قدر عظيم رفيع، وعزة القهر بمعنى أنه قاهر غالب، وعزة الامتناع أي أنه قوي لا يناله شيء، قال ابن القيم -رحمه الله-:

وهو العزيز فلن يرام جنابه ... أني يرام جناب ذي السلطان

فالله عز وجل عزيز ممتنع أن يناله السوء، ومنه (الأرض العزاز) لقوتها وشدتها فقول المؤلف: [العزيز: في ملكه] فيه قصور، قال المؤلف: [الرحيم: بخلقه] وهنا نقول: إن الرحيم عامة، لأنها لم تقيد، فالمراد به الرحمة العامة، فالله سبحانه


(١) سورة الإسراء، الآية: ١٠٦.
(٢) سورة ق، الآية: ٩.
(٣) سورة الرعد، الآية: ١٧.

<<  <   >  >>