للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تفسير الآية فجعل القائل هم الفقراء، وعلى هذا فتكون الآية في سؤال الفقراء من الأغنياء أن ينفقوا، أي: إذا جاء الفقراء يسألون الأغنياء أن ينفقوا تهكموا بهم، وقالوا: كيف نطعمكم، والله تعالى لم يشأ أن نطعمكم، ولو شاء أن نطعمكم لأعطيناكم بدون سؤال، هذا توجيه الآية على ما مشى عليه المؤلف -رحمه الله-.

لكن الذي ينبغي أن نجعل الآية عامة؛ لأنه أبهم فيها الفاعل، وإبهام الفاعل يراد به في بعض الأحيان التعميم، فـ {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} أي: إذا قال لهم أحد من الناس، سواء كان الفقراء يسألونهم الإنفاق، أو كانوا الأغنياء يحثونهم على الإنفاق، لأن الأغنياء من الصحابة -رضي الله عنهم- مثلًا ينفقون فيحثون الأغنياء من الكفار على أن ينفقوا أيضًا، فالصواب أن نبقي الآية على إبهامها ليكون أعم، وقوله: {أَنْفِقُوا} الإنفاق بمعنى البذل والإعطاء وقوله: {مِمَّا رَزَقَكُمُ} أي مما أعطاكم الله، وفي قوله: {مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} دون قول: (أنفقوا من أموالكم) فيه تنبيه على أن هذا الذي بين أيديكم ليس من كسبكم في الواقع، ولكنه من رزق الله تعالى، فكان عليكم أن تنفقوا من هذا الذي رزقكم الله، لأن الله يأمركم به، فالذي أمركم بالإنفاق هو الذي أعطاكم هذا المال، فكيف تنكرون فضله وتستكبرون عن أمره فلا تنفقون؟ ! هذه هي الفائدة من قوله: {مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} فما كان الجواب: {قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} قوله: {قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا ... } اللام هذا الأصح أن المراد بها الصلة، يعني قالوا قولًا يصل للذين آمنوا، والذين آمنوا هم

<<  <   >  >>