للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذين قالوا لهم أنفقوا مما رزقكم الله {قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا} قال المؤلف [استهزاء بهم] يحتمل ما ذكره المؤلف أنه استهزاء، ويحتمل أنه من باب الاحتجاج بالقدر عنادًا وتبجحًا يقولون: {أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} و {مَنْ} هنا بمعنى الذي، ويجوز أن تكون نكرة موصوفة، أي: نطعم أحدًا لو يشاء الله أطعمه من دوننا، أو أنطعم الذي لو يشاء الله أطعمهم، و {لَوْ} هنا حرف امتناع الامتناع، وشرطها قوله: {يَشَاءُ} وجوابها: {أَطْعَمَهُ} وقد أتت على خلاف الأكثر حيث حذفت اللام من الجواب، والأصل (من لو يشاء الله لأطعمه) فإن جواب (لو) إذا كان مثبتًا فالأكثر فيه إثبات اللام، وقد تحذف اللام، وقد اجتمِع الأمران في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥)} ثم قال: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (٧٠)} (١) فأتت اللام في جواب (لو) في الآية السابقة، وحذفت من الآية الثانية، وهذه الآية من سورة يس من باب محذوف اللام {أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} قال المؤلف: إنهم يقولون ذلك [استهزاء بهم] يعني: أنطعم قومًا لو شاء الله أطعمهم، فإطعامهم إلى الله، هذا الوجه الأول.

الوجه الثاني: يحتمل أنه من باب الاحتجاج بالقدر فرارًا من اللوم، يعني: أنطعم قومًا أن لو يشاء الله أطعمهم فأطعمناهم، ولكن الله تعالى لم يشاء أن نطعمهم فلا نطعمهم.


(١) سورة الواقعة، الآيات: ٦٨ - ٧٠.

<<  <   >  >>