الوجه الثالث: يحتمل أنهم قالوا هذا اعتراضًا على القدر، كما يقوله الاشتراكيون والشيوعيون، أي: لماذا يجعل الله هذا فقيرًا، ولا يعطه، فكأنهم في جوابهم هذا يعترضون على الله، ويقولون: الذي يطعمهم، والمسؤول عنهم هو الله، وكان على الله أن يطعمهم، لكن لم يشأ ذلك، فيكون في هذا نوع من الاعتراض على القدر.
فهذه ثلاثة أوجه:
الأول: الاستهزاء.
الثاني: الاحتجاج بالقدر.
الثالث: الاعتراض على القدر.
ثم قالوا:{إِنْ أَنْتُمْ} قال المؤلف: [أي: في قولكم لنا ذلك مع معتقدكم هذا {إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٤٧)} بين] يعني هؤلاء الكفار الذين أمروا أن ينفقوا على الفقراء، يقولون للذي أمرهم: أنت تعتقد أن الله لو شاء أطعمهم فيقول: نعم أعتقد ذلك، فيقولون: إذن كيف تأمرنا أن نطعمهم، والأمر بمشيئة الله ما أنت إلا في ضلال مبين وقوله:{إِنْ أَنْتُمْ}{إِنْ} هنا نافية، لوجود (إلا) بعدها، وإذا جاءت (إلا) بعد (إن) فهي دليل على (إن) نافية و (إن) ترد في اللغة العربية على أربعة أوجه هي:
الأول: تأتي زائدة، ومثاله قول الشاعر:
بني غدانة ما إن أنتم ذهب ... ولا صريف ولكن أنتم الخزف
الثاني: تأتي شرطية، مثاله: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ