للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - أن النفخ في الصور إذا وقع لم يستطع أحد أن يتكلم ولا أن يتزحزح من مكانه، تؤخذ من قوله تعالى: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً} هذا الكلام {وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (٥٠)} لا يتزحزحون من مكانهم.

٢ - ومن فوائدها: قوة هذه الصدمة التي تصيبهم من هذه الصيحة، لأن الإنسان إذا قويت الصدمة أعجم على لسانه فصار لا يقدر على التكلم، وكذلك رجلاه تضعف حتى لا يستطيع الوقوف كما قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في قصة وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما سمع قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠)} (١) قال: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلني رجلاي، وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها (٢).

٣ - وكذلك يدل على عظم هذه الصيحة أنهم لا يستطيعون الرجوع إلى أهليهم مع شدة تشوقهم إليهم، لكن لا يستطيعون، لأن الأمر أعظم من أن يتمكنوا من ذلك.

٤ - ومن فوائد الآية الثانية: إثبات النفخ في الصور، وهو من الأمور الغيبية التي يجب علينا أن نؤمن بها دون التعرض لكيفيتها. فلو قال قائل: كيف يكون النفخ في الصور؟ قلنا: هذا أمر لا نعلمه إلى الله عز وجل، لأنه غيبي ولم يخبر بكيفيته.

٥ - ومن فوائد الآية الكريمة: تمام قدرة الله عز وجل حيث كان مجرد النفخ يوجب أن يخرج الناس جميعًا من قبورهم


(١) سورة الزمر، الآية: ٣٠.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته (٤٤٥٤).

<<  <   >  >>