للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧ - ومن فوائد الآية: أن المشركين يقرون إذا شاهدوا الحق، بأن ما وعد الله تعالى به فسيقع بناءً على أن قوله: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ} من كلامهم، والإقرار بالحق بعد مشاهدته لا ينفع؛ لأن الإقرار بالحق إذا لم يكن غيبًا لم يكن الإنسان مؤمنًا بالغيب، بل يكون مؤمنًا بالشهادة.

فإن قلت: قال تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)} (١) فهنا أنكروا الشرك مع أنهم كانوا مشركين، بل أنهم يقرون بشركهم كما قال تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (٤٢)} (٢) فكيف الجمع؟

الجمع بينهما أنه يقال: إن يوم القيامة ليس لحظة ولا ساعة قليلة بل هو خمسون ألف سنة، فهم يتقلبون أحيانًا يقرون بكل ما عملوا، وأحيانًا ينكرون، إذا رأوا نجاة المؤمن قالوا: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)} لعلهم ينجون كما نجا غيرهم، ولكن يختم على أفواههم وتكلم أيديهم وأرجلهم، وحينئذ يقرون ولا يكتمون الله حديثًا والله أعلم.

* * *


(١) سورة الأنعام، الآية: ٢٣.
(٢) سورة النساء، الآية: ٤٢.

<<  <   >  >>