والنقص يكون بأحد أمرين: إما بزيادة السيئات، وإما بنقص الحسنات، وكلا الأمرين منتف كما قال الله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (١١٢)} (١) أي: لا يخاف هضمًا من حقه من الحسنات، ولا ظلمًا بزيادة السيئات، يقول:{لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا} ونفس نكرة في سياق النفي، فتشمل كل نفس، حتى الكافر يكون عذابه على حسب عمله، ولهذا قال: {وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٤)} أي: لا تكافئون على أعمالكم إلا ما كنتم تعملون، قال المؤلف رحمه الله:[لا تجزون إلا جزاء ما كنتم تعملون] إنما قدر -رحمه الله- (جزاء) لئلا يتسلط الفعل على نفس العمل، والعمل قد مضى وانقضى، والذي يوجد في يوم القيامة هو الجزاء، ولهذا قال:[إلا جزاء ما كنتم تعملون] لا نفس العمل؛ لأن العمل إنما كان في الدنيا وليس في يوم القيامة، والذي في يوم القيامة هو الجزاء فلهذا قدر المؤلف [إلا جزاء ما كنتم تعملون].
فإن قال قائل: كلام المؤلف هنا: أفلا يكون منتقدًا؛ لأنه كالاستدراك على كلام الله عز وجل؟
فالجواب على هذا: أن يقال ليس بمنتقد، وليس مقتضاه الاستدراك على كلام الله، لأن المؤلف أراد أن يفسر المعنى المراد، ولم يرد أن في الكلام نقصًا، وقد علم في البلاغة أن الإيجاز نوعان: إيجاز حذف، وإيجاز قصر، وإيجاز الحذف معناه أن تكون الجملة فيها شيء محذوف يعلم من السياق،