قيل: عمل وقول، أو قيل: اعتقاد وعمل، فإن العمل يفسر هنا بعمل الجوارح، وهذا يكون كثيرًا في اللغة العربية وفي القرآن الكريم، وهو أن الشيء إذا أفرد يكون شاملًا، وإذا قرن بغيره صار خاصًّا؛ لأنه إذا قرن بغيره صار الكلام على جهة التقسيم، والتقسيم لابد فيه من مقسم، والمقسم يكون كل قسيم منه ضد القسيم الآخر، والخلاصة الآن أن المراد بالعمل هنا عمل القلب، والجوارح، واللسان الذي هو القول، لأن هذا كله يجازى عليه الإنسان يوم القيامة.
فإذا قال قائل: هل يشمل العمل الكف، أي: إذا ترك الإنسان المعصية، هل يقال: إن هذا عمل يجزى عليه؟
الجواب: نعم، يقال إنه عمل يجزى عليه؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من هم بالسيئة فلم يعملها كتبها الله حسنة كاملة"(١). لأن تركها لله فما وجه كون الترك عملًا؟ لأن الترك كف النفس عن جماحها وإقدامها فهو عمل وحينئذ نقول كلمة:{يَعْمَلُونَ} تشمل أربعة أشياء هي: عمل القلب، واللسان، والجوارح، والترك. ويجزى عليها الإنسان.
الفوائد:
١ - من فوائد الآية الكريمة: انتفاء الظلم مطلقًا في يوم القيامة؛ لأنه يوم العدل، كما قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ
(١) أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب من هم بحسنة أو بسيئة (٦٤٩١) ومسلم، كتاب الإيمان، باب إذا هم العبد بحسنة كتبت ٢٠٧ (١٣١).