للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يشبه صوته أصوات المخلوقين.

ومنهم من قال: إنه لا يتكلم، ولكن يخلق كلامًا ينسبه إليه تشريفًا وتكريمًا.

ومنهم من قال: إنه يتكلم، لكن كلامه ما يقدره في نفسه، وأما ما يسمع فهو مخلوق.

فالأول مذهب أهل السنة والجماعة، والثاني مذهب المعتزلة ومن وافقهم، والثالث مذهب الأشاعرة، وحقيقة الأمر أن مذهب الأشاعرة هو مذهب المعتزلة، لأن الكل منهم متفقون على أن ما بين أيدينا من المصحف مخلوق، لكن الجهمية والمعتزلة قالوا: هو كلام الله، وأولئك قالوا: عبارة عن كلام الله، فهم أسوأ منهم في هذه الناحية، لأن المعتزلة والجهمية يقولون: إن القرآن كلام الله، كما قال الله عنه كلام الله {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} (١) لكن هم يقولون {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} أي: الكلام الذي هو عبارة عن كلام الله.

والجهمية والمعتزلة أقرب إلى الحقيقة من الأشاعرة، ولكن كل منهم في ضلال مبين.

والصواب أنه كلام الله تكلم به بنفسه، وسمعه منه جبريل -عليه الصلاة والسلام- وألقاه إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -.

٣ - ومن فوائدها: إثبات الربوبية، وهي هنا فيما يظهر -والله أعلم- من الربوبية الخاصة؛ لأن الذي يخاطب به من القوم المخلصين، والربوبية كما تقدم، تنقسم إلى قسمين: خاصة،


(١) سورة التوبة، الآية: ٦٠.

<<  <   >  >>